الجمعة، 29 مارس 2024

ألحياءُ . .

 ألحياءُ . .

من سلسلة خواطر
وعد الله حديد
في اليوم السادس عشر
من رمضان 44
26 آذار 2024
لا أذكرُ يومًا أنْ قد إلتقطتْ عينايَ موضوعًا بِشأنِ . . الحياء .
لم يخطُر ببالي أن أبحثَ عنه يومًا فوق صفحات النت ولم أكُنْ لِأجِدهُ من خلال مسيرتي الأدبية ومطالعتي لِكَمٍّ
واسعُ الطيفِ من الأدبيات على مدى سني عُمري ,
أعرفُ أن الحياءَ هو الخجل بمفهومٍ تراثيٍّ تقليديّ ولكن مفردةُ حياءَ لها وقعٌ في النفس نافِذٌ لا أُخمنُ لهُ سِرًّا ,
هو الأرفعُ قدرًا والأكثرُ عُمقًا وأفصحُ لُغةً وبيانًا من مفردةِ الخجل , نعم الخجلُ هو الحياء بشكلٍ أو بِآخر , ومهما
يكن من أمرٍ فسوف ينصهرُ الإثنان في بَودقةٍ واحدةٍ فيوحيانِ أن يلتزم إنسانٌ بحسن خُلُقِهِ مرورًا بتوازن هندامه
ولياقة تصرفه وطيب كلامه , مرهونٌ هوَ بامرأةٍ فهي التي يجب أن يكتنفها الحياء , هذا ما فهمناهُ من أسلافنا
لم أكُنْ لِأُدرك أن الرجلُ هو الآخرُ مُلزمٌ به قدر إلتزامِ إمرأةٍ بهِ , فقد بات واضحًا أن الرجل معنيٌّ به مثل المرأة.
ترصُدُ اليومَ عَينايَ وأعينُكم على مستوى الطرقاتِ وأماكنِ الترفيهِ و المتنزهات أُمورًا تُلفِتُ إنتباه حاستي السمع
والنظر وحاسةٌ ثالثةً أُثيرتْ وأُوقظتْ مِن سُباتٍ بِسبقِ إصرارٍ , تلك هي حاسة الشم .
حاسةُ الشمِّ باغَتَتْ الجميع في زُحمةِ الأماكن , إنها شّمُّ الروائحِ إيحائيةٌ في بعضها أخَّاذةٌ بشكلٍ عام تصدر عن إناث ,
ولهولِ مارصدتْ عينايَ من أشياءَ مُلفِتةً فهي جَمهرةِ الثياب فاضحةً بين مُشقَقٍةٍ مُهتَريةٍ في الركبتين مُلتصقةً في المؤ# رةِ
والفخذين وحجابُ رأسٍ ليس هو بحجابٍ بل مشروعُهُ يبدأ مشوارُهُ في أوسط الرأس مُنزلِقًا فوق الرقبة , خَمَّنت حينها
أنَّ الأمرَ جلَلٌ وقد صارَ لِزامًا على من يهمُهُ الأمر من مُنطلقٍ أخلاقيّ طرحَه بشكلٍ مسؤولٍ سلسٍ وشفاف , سأُحاول
أن أكون ذاك الذي يهمُهُ الأمر , سأُبادرُ اليوم بطرحِهِ .
رُبما قرأتُم قبل اليوم أنّ ألحياءَ من الإيمان . .
الحياءُ . .
أُخَمِنُ أن الوقتَ الآنَ قد حانَ ومؤشراتٍ كثيرةٍ توحي بأن الحاجةَ صارت مُلِحةً لِطرحِ مسألةِ الحياءَ على مائدة الحوار
لم يزلْ الحياءُ يُعلنُ حضورًا قهريًا بيننا منذ الأزل , إنه لم يُسجل غيابًا منذ لحظةَ طرحه على أبوينا آدمُ وحواء
. . الحياءُ شعورٌ سامٍ يتَّسِمُ بالرِفعةِ والإحتشام وبالإلتزام , وُلِدَ بالفِطرَةِ في فجرِ التاريخِ في مجاهل النفس البشرية
ولكنهُ اليوم يُواجِهُ تحديًّأ كبيرًا وهو ضِمن مُنزلقٍ خطيرٍ لا أشُكُّ أنهُ أصبحَ خارجَ حدود السيطرة .
أولُ ظهورِهِ حينَ وسوسَ الشيطانُ لِأبينا آدمَ وأُمنا حواء فالتقما تفاحةً التي نهى اللهُ عنها فبدتْ لهما سوءاتهما
نَكالًا لما اقترفا فطفِقا يخصِفان من ورقِ الشجر , إلتقاطَهُما لورق الشجرِ هو رَدُّ فِعلٍ لاشعوريّ لتغطيةِ ماظهر
من سوءاتِهِما , هذا بديهيٌّ أن الحياء قد خُلِقَ مع أول مخلوقٍ آدميّ وُجِدَ على سطح الكوكب , نعم . . .
تلك هي البذرةُ الأُولى لولادةِ هذا الرمز الجليل . . الحياء .
لافرقَ بين ذكرٍ أو أُنثى في هذا الأمر , الحياءُ سوف يفرض نفسه على جميع من يعتمد العقل منهاجًا
في دُنياه , ومن منطلق مثلُ هذا فإن البهائمَ جميعًا لا تُلقِ كبيرَ اهتمامٍ لهذا الأمر , إنها لا ترى ذاك النور
الذي تعتمدهُ السلالةُ البشرية , لا شكَّ أن البشرية تعتمد نور العقل .
وإن من يرى أن الحياءَ خليقٌ بالأُنثى فهو واهمٌ ألى حدٍّ ما , يجب على الذكر التحلّي بالحشمة والوقار فيما
يقول وفيما يضع على نفسه من الثياب وما يكتنف رأسه من قصّاتٍ , أليس الرجل بحاجةٍ
ألى أن يكتنفه الحياءُ فيحفظ شكله مُتَزِنًّا خارج حدود الإثارة يسري هذا على مايرتديه من ثيابٍ وما يشتمل عليه رأسه
من قصة شعرهِ مرورًا بتصرفاتِهِ وانتقاءِهِ للمُحتشمِ من الكلمات,
إنه العقلُ يُضفي بنورِهِ على حيثياتِ هواجسِ الإنسانِ وأحاسيسهِ فيولدُ الحياءُ ضِمنًا في سياقِ برمجةٍ إلهيةٍ خارقه.
ليكن الحياءُ خِلًّا لنا و ليس ضِدَّا , هو ليس حكرًا على المرأة أبدًا , هذا مفهومٌ ساذِجٌ ومرفوض , حيث يجنحُ الرجلُ بعضَ الحينِ
فيخترقَ جدارَ الحياءِ بتفوقٍ حينئِذٍ سوف يُشارُ إليه بالبنان أنه إنسانٌ . . بلا حياء .
وعد الله حديد
أعجبني
تعليق
إرسال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كيف أنّجو من غوصّي فيكِ

  كيف أنّجو من غوصّي فيكِ وصوتكِ يجعلني فيهِ غريق كيف أنقذ نفسي من جحيمكِ وهمسكِ يشعلّ في صدري الحريق كيف أجد السبيل الى خلاصي منكِ وكلما اه...