الجمعة، 9 فبراير 2024

(لن تشرق الشمس أبدا )

 (لن تشرق الشمس أبدا )

قصة متسلسلة
بقلم : تيسيرالمغاصبه
٢٠٢٤
------------------------------------------------------
-٦-
يحيى ومريم
سميت تلك السنة بسنة القحط ،وبما أن القحط كان دائم في القرية ،فقد أطلق عليها أغلب سكان القرية ؛سنة الجراد.
ذلك الجراد الذي أفنى جميع المزروعات، وقضى على كل أخضر ويابس في القرية.
ولأن شر البلية مايضحك، ففي ذلك اليوم أصبح الجراد الذي أصابه الخمول من كثرة الأكل وتساقط على الأرض، هو الوجبة الدسمة والأخيرة في القرية، حتى يأتي الفرج على القرية الضالة ..لعل الفرج يأتي.
كان الجراد يؤكل مقليا بالسمن أو مشويا أومسلوقا.
فبعد السلق تصبح معدةالجراد المحشوة بالمخلفات الخضراء أشبه بصفار البيض بعد عملية السلق .
بعد أن رجع يحيى إلى بيت سلمى خائفا وتناوله هناك وجبة دسمة من طعامه الجديد المكون من الجراد المقلي ،يخرج من بيت سميحة وهو يشعر بالشبع الحقيقي للمرة الأخيرة،فلن يتناول بعد ذلك طعام جيد طوال العام ،وبالتالي لن يشعر بشعور الشبع اللذيذ.
* * * * * * * *
إنتشر في القرية خبر تعرض شابان زعران للضرب المبرح من قبل الشيخ عبد الكريم ،
فكانت تلك هي المرة الأولى التي يضرب بها أحدا بالرغم من تجاوزه الأربعين من عمره ، دهش الجميع من تلك القوة التي يتمتع بها،والتي تمكنه من ضرب شابين معا.
لكن أيضا إزداد حقد أهل القرية على الشيخ عبد الكريم وخصوصا ذوي وأقارب هؤلاء الشبان،خصوصا أنه لم يكن من أهل القرية الأصليين.
وفي مقابل ذلك إزدادت هيبته في القرية.
تمنى يحيى لو أنه رآه وهو يقتص منهما لسببين ،كان السبب الأول لأنه كان يريد أن يشفي غليله ،فهو لايزال يتذكر رائحة الخمرة الحادة،وأما السبب الثاني؛ فلأنه تمنى أن يرى الشيخ عبد الكريم وهو يقاتل.
كالعادة مر يحيى بمنزل البنت التي رآها وأحبها وكانت هي قد رأته وأحبته قبل أن يرها.
كان مصرا على أن يراها قبل عودته إلى منزله ،
ماأن مر من أمام منزلها ،وقبل أن يقف في مواجهة بابها حتى فتح الباب وظهرت أمامه واقفة على الباب ،لقد كانت في إنتظاره،وقفت أمامه بسعادة وإبتسامتها الجميلة لاتفارقها لقد كانت بالفعل في إنتظاره.
أما يحيى فبادلها الإبتسامة فنبضت قلوبهما بشدة.
أما هذه الطفلة فهي "مريم" ابنة المرحوم "محمود الخدام"
* * * * * * * *
عمل محمود الخدام لدى أسرة ثرية في المدينة منذ أن كان في العاشرة من عمره بمرتب مجز ،
فكان يقوم بكل مايطلب منه كالعناية بالحديقة وحراسة الفيلا وشراء مستلزمات البيت ومراقبة الأطفال
وهم يلعبون في الحديقة، وغير ذلك.
من جهة ثانية أحضر رب الأسرة خادمة صغيرة يتيمة أيضا من إحدى الدول العربية أسمها "رحاب".
فأحبها محمود وقد بادلته حبا بحب وعندما كبرا طلب يدها من رب الأسرة الذي كان مسؤولا عنها حينا ذاك، وتمت الموافقة وسكنا معا في غرفة الحراسة المخصصة له.
ولكن بعد فترة وجيزة لم يكتمل الفرح حيث تم بيع الفيلا لآخر الذي إستغنى عن خدماتهما معا.
فوجد محمود نفسه مضطرا للعودة بزوجته رحاب إلى القرية للإقامة فيها بصورة دائمة.
يرزقا ببنتا على قدر كبير من الجمال ،فلم يسمحا لها بالخروج كي لاتتطبع بأخلاق الفتيات وبالتالي أن تلوثها البيئة الفاسدة.
فلم يكن لديها وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي سوى من خلال النظر من النافذة أو من داخل فتحة باب المنزل.
حتى رأت ذلك الفتى الجميل الذي لايشبه أولاد القرية دون أن يرها ،ودخل فؤادها من النظرة الأولى.
كان محمود الخدام يذهب إلى المدينة بين الحين والآخر لشراء حاجيات البيت ،ويوما ما ذهب ولم يعد ،
حتى علم الجميع أن وادي الموت قد إبتلعه هو ومن كان معه من المسافرين في العربة.
وهكذا أصبحت مريم يتيمة كأمها ،
أحبت رحاب يحيى لأنها كانت تر فيه إخوتها الذين لاتعلم عنهم شيئا منذ الصغر .وعندما علمت بتعلق ابنتها الوحيدة المدللة بيحي وأنه هو أيضا متعلق بها، ورأت أيضا أن الزمن ربما يعيد نفسه.
قالت في نفسها "أن يحيى هو الوحيد في تلك القرية الذي يصلح أن يكون زوجا مستقبليا لابنتي التي ربيتها "كل شبر بندر"
* * * * * * * *
كانت مجموعة من الفتيات يجلسن أمام منزل إحداهن يشربن الشاي بينما يتجمع الذباب بكثرة على أطراف الأكواب وعلى الطاولة بأعداد كبيرة جدا ،ذلك الذباب الذي يتجمع مثل كل عام بسبب السماد الزراعي .
لكن هذا العام لم ينل أهل القرية من السماد سوى رائحته الكريهة.
تمر ثلاث فتيات لايعرفنهن وحيث كن في مواجهة الرياح ،فكان ثوب إحداهن ملتصقا ببطنها بفعل شدة الرياح،ولأنها سمينة بعض الشيء جلبت إنتباه مريضات النفوس ،و قالت إحدى الفتيات الجالسات تحدث الأخريات بصوت خفيض:
-شوفن ..شوفن كيف بطن البنت والله بقطع ذراعي إذا ماطلعت بكره حامل ؟
* * * * * * * *
غيرة قاتلة تنشأ مابين زكي وعبدالله وسببها التنافس بينهما حول من يمتلك الرصيد الأكبر من الفتيات ومن النساء المتزوجات .
وكون عبدالله هو الأخ الأكبر وهو القائد لأخوته، وأنه يمتلك العدد الأكبر من النساء والفتيات، وهو الذي يمتلك الخبرة والبراعة في إستدراج النساء إلى شباكه ،بخلاف زكي المهزوز ،الجبان ،والخبيث، عدى عن لونه الغير مرغوب عند الفتيات .
فقد تفوق على زكي بعدد علاقاته.
ولهذا السبب تولدت كراهية وحقد على أخوته أولا بسبب لونهم ،وثانيا تنافسه مع عبدالله ،
أما عبدالله فكان يحب يحيى لكنه لايستطيع إظهار ذلك كي لايخسر مكانته عند أبيه ..ولهذا السبب لم تكن مكائده المحاكة ضد يحيى بحجم وقدر مكائد أخوه زكي ،وأخته "رشيدة".
* * * * * * * *
بعد أن رأى يحيى "مريم" لم يشعر برغبة في العودة إلى المنزل ،فأخذ يتنزه على الأراضي التي فقدت خضرتها وجمالها.
هناك إلتقى ثانية بالشيخ عبد الكريم الذي كان ينظر إلى مكان البساتين ويهز رأسه أسفا من جراء الخراب الذي حاق بها بفعل غزو الجراد.
قال يحيى:
-العوافي؟
مد يده وصافح الشيخ عبد الكريم الذي إنشرح صدره عند رؤيته فرد :
-أهلا بك أخي يحيى لكني أريد منك شيئان؟
-قول إيش هنه.
-إبتسم وقال :
أولا هللا صافحتني مرة ثانية لكن بقوة؟
-ماشي.
-حسنا هيا؟
صافحه يحيى بقوة ،قال الشيخ عبدالكريم بسعادة:
-جميل ..جميل أيها البطل..أحسنت..هكذا أريدك قوي،وصلب ؟
-وشو الإشي الثاني :
-أما الشيء الثاني فهو إن تحدثت إلي أن تتحدث باللغة العربية الفصحى كما أتكلم أنا أتستطيع ؟
-ليش ؟
-لأن وجهك الجميل لاتناسبه لهجة القرية.
-سسأ ..سأحاول أخي عبد الكريم.
-ههههههههههه جميل.. إستمر؟
-السلام عليك أخي عبد الكريم؟
-وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
-لكن ..ماهي الفصحى؟
-أنها لغة القرآن.
-وماهو القرآن؟
-أنه كلام الله.
-كلام الله..نعم لقد فهمت..القرآن كلام..الله؟
ثم بعد إذن أخذ يحدثه عن أخلاق صحابة الرسول صل الله عليه وسلم وقوتهم.
* * * * * * * *
كان يحيى يشعر بالسعادة في ذلك اليوم ،حيث أنه ولأول مرة يبادل مريم أبتسامتها دون حياء ،كذلك أنه تعلم أشياء جديدة من الشيخ عبدالكريم، فلم يشعر برغبة في العودة إلى المنزل.
إستلقى على تربة ناعمة وأغمض عينيه فرأى مريم أمامه تبتسم له فبادلها الإبتسامة .
وتزامنا مع ذلك كانت مريم مستلقية في فراشها تحتضن لعبتها ،عندما أغمضت عينيها ورأت يحيى يبتسم لها فتبتسم بسعادة وتخفق قلوبهما معا.
بينما كان يحيى يحك قدمه بالتراب شعر بأن شيء تحت قدميه،
نهض واعتدل في جلسته ..أزاح التراب بكفيه ليرى شيئا قد جرفته السيول إلى هنا فبدأ بأخراجه من التراب.
(يتبع...)
تيسيرالمغاصبه
٣-٢-٢٠٢٤
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏لن تشرق الشمس أبدا قصة متسلسلة بقلم: تيسير المغا صبه‏'‏‏
كل التفاعلات:
ارق ملاك وشخص آخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكوى الطبيعة

  شكوى الطبيعة همست ْ بأذن ِالليل ِ أغصان ُالشجر ْ تشكو حنين َ الروض ِ شوقَـَه ُ للقمر ْ والورد بثَّ غرامه ُ متــلهـِّـفا للنور ِ يغمر ُه ُ ...