الجمعة، 5 يناير 2024

من كتاب انسان - البركان ...

 من كتاب انسان

- البركان ...
اركب تلك السفينة منذ ثلاثة ايام ؛ تشق المحيط ليلا ونهارا فى رحلة طويلة ؛انا سفرت كثيرا لكن هذه المرة الذى اجرب فيها السفر بحرا ؛ كنت اجلس فوق سطح المركب انظر الى منظر الغروب ؛الشمس تلمس سطح الماء فى منظر يحتاج الى فرشة فنان وتراها تلوح باشعتها لتختفى ويسود الظلام ؛ كان الجو متقلب منذ الصباح ولكن ليلا زادت الرياح والامواج تصدر اصواتا عالية وهى تتلاطم بجسم السفينة ؛ تراها ترفع السفينة للاعلى وتعود بها للاسفل فى لحظات ؛ كانها ريشة تلعب بها الرياح ؛كنت خائفا جدا لا انكر ذلك لم اواجه تلك المخاطر من قبل ؛ وانا افكر حدثت الامور بسرعة بالسفينة تغرق كيف ....؟ وماذا حدث .....؟ لا اعلم الجميع يقفز الى الهاوية دون ان يعلم الى اين يذهب او ماذ يفعل ؛ كنت انظر للاسفل لا ارى ولكن اسمع الاصوات فى الماء وفجاءة ودون مقدمات وجدت نفسى اطير فى الهواء فى اتجاه المجهول من فعل هذا من قذفنى ؛ لست مستعد ولم اتخذ القرار ؛ اغمضت عينى وتركت نفسى للتيار وحقيقة لا اعلم ما حدث ؛فتحت عينى بصعوبة ما هذا المكان انا فوق الرمال وتلك الاشجار العالية امامى كثيفة لا ارى ما خلفها ؛ انها جزيرة بلا شك لكن هل مازالت حيا لم اصدق فى البداية ؛ لكنى بالفعل اتنفس واشعربنسيم الهواء يداعبنى فى هدوء ؛ تحركت ابحث عن من نجا وكنت ادعو الا اكون وحيدا مثل الافلام فلن اتحمل كثيرا ؛ وجدته ممد فوق الرمال يتنفس ببطئ ويستعيد وعيه ؛ انه هو كان معى على نفس السفينة رايته اول يوم وسمعت عنه الكثير من الحكايات وان لم اصدق منها الكثير ؛ فهو شخصية هادئة الملامح ؛ لكن لم التحذير منه وما سمعته من الجميع عنه ؛ نسيت كل الكلام عنه فهو الان يحتاجنى مثل ما احتاجه انا ؛ اتفقنا نبحث داخل الجزيرة لنجد اى مصدر للحياة او طريقة لخروجنا من هنا احياء ؛ بعد يومين وجدنا قبلتين من ساكنى الجزيرة لا يفصل بينهم سوء حطام او اثار لسور قديم كان منذ فترة طويلة هنا ؛ والمتبقى منه ركام يحمل بين طياته حكايات كثيرة بلاشك ؛ تنقلنا بين كل قبيلة فترة وكانوا فى غاية الود والكرم وحسن المقابلة ؛ ومن خلال الكلام معهم علمنا سبب هذا الجدار ؛ كان هناك بركان من الدم بينهم توارثته اجيال قد يكون من السبب فى البداية او الظروف التى لاشعال هذا البركان غير معلومة او واضحة لانها تراث قديم لا يعلمه احد ؛ لكن منذ عشرة اعوام مضت اتفق الطرفان على اخماد البركان نهائيا ؛ تكفى كل الاوجاع التى مروا بها على من فقدوهم ؛ وبالفعل خمد البركان وصارت فوقه اطنان من الركام والحطام والاف الذكريات ؛ شعور جميل الامان والسلام ؛ وان تنام دون خوف ؛ من اعتبرته صديقى بالرغم من كل التحذير فلم اجد غيره هنا يرسم الامل معى بان نعود فى سلام ؛ اتضح انه شيطان فى هيئة بشر ؛ كتلة من الحقد والغل بداخله عن كل ما هو جميل ؛ بدء فى تنفيذ مخطط شيطانى بنقل اخبار كاذبة لكل طرف من الطرفين ؛ بدء يزرع الشك بينهم ويرمى بالحطب فى البركان اكوام واكوام ؛ حاولت جاهدا ان ابعده او امحو ما يفعله لايقاف الاشتعال ؛ لكنه كان متقن الاداء ؛ يصنع الخيال دون مجهود ليقنع من حوله ؛ بدأت الشرارة تلمس اكوام الحطب لتشتعل النيران ؛ وفجاءة انفجر البركان وتطايرات الحمم فى كل مكان ؛ تحرق تقتل دون تمييز فهى لا تختار الكل يسقط من هنا وهناك الاطفال والنساء وكبار السن والشباب ؛ النار تلتهم والبركان يثور اكثر واكثر ؛ بحثت عنه وجدته فوق صخرة عالية ينظر الى الاحداث ؛ يبتسم بنشوة المنتصر ؛ تعجبت كيف له يفرح للخراب والدمار ...؟ كيف له يكون شعلة للفتنة لا تنطفى فى اى مكان واى زمان ؛ او ما هى دوافعه من وراء كل الاحداث هدم عشرة سنين من الخمول فى عدة ايام ؛حاولت ان اهرب لكن لا مفر فالحمم تصيب الكل من هنا وهناك ؛ نظرت للاعلى هى قادمة باتجاهى كتلة من النيران مشتعلة ؛ قدمى تحاول الركض فى اى اتجاه لكنها تطاردنى دون توقف ؛ لا مجال للهرب استسلمت واغمضت عينى منتظر النهاية فى صمت .
سمعت صوت حمدالله بالسلامة فتحت عينى بسرعة وجدت نفسى على السفينة والدكتور يقف بجانبى يردد حمد لله بالسلامة لم افهم هل هو خيال ام حلم او وهم ؛ لكن فهمت انه اغمى عليا بسبب دوار البحر عند ارتفاع الامواج وغبت عن الوعى دقائق ؛ معقولة دقائق رايت فيها كل هذه الاحداث .
استعدت وعى بالكامل ونشاطى فى اليوم التالى جلست انظر الى شروق الشمس وافكر ؛ فى الحياة فعلا موجودين هولاء الاشخاص من يلبسون ثوب البراءة والطيبة فوق ملامح الشيطان حتى لانرى الحقد والغل بداخلهم ؛ تجدهم ينقلون الاخبار بعد تزيفها لتفرقة الاصدقاء او الاحباب او لاشعال الفتنة بين الاطراف المتصارعة فى كل مكان ؛ لا تجد سبب لما يفعلوه سوء انهم مصدر للخراب للدمار لنشر الحزن والالم ؛ انهم بنوا سعادتهم فوق البراكين المشتعلة منها تستمد طاقتهم ؛فكل بركان ينفجر بداية وليس نهاية للاستمرار .
الفتنة هى الشعلة لفتيل انفجار البركان و لعنة لمن يملكها بقلبه فى كل مكان ........
بقلمى / شريف القناوى
8/6/ 2018
كل التفاعلات:
٢

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(لا تزال عالقة) بقلم عواطف فاضل الطائي

(لا تزال عالقة) حلقة مفرغة من الخيارت تراوغها بيقينها ان القدر سينظم لهما لقاء وكأن الحياة قد توقفت في تلك اللحظة.. لا تعرف ماذا تفعل هل حقا...