من كتاب انسان
- البركان ...
اركب تلك السفينة منذ ثلاثة ايام ؛ تشق المحيط ليلا ونهارا فى رحلة طويلة ؛انا سفرت كثيرا لكن هذه المرة الذى اجرب فيها السفر بحرا ؛ كنت اجلس فوق سطح المركب انظر الى منظر الغروب ؛الشمس تلمس سطح الماء فى منظر يحتاج الى فرشة فنان وتراها تلوح باشعتها لتختفى ويسود الظلام ؛ كان الجو متقلب منذ الصباح ولكن ليلا زادت الرياح والامواج تصدر اصواتا عالية وهى تتلاطم بجسم السفينة ؛ تراها ترفع السفينة للاعلى وتعود بها للاسفل فى لحظات ؛ كانها ريشة تلعب بها الرياح ؛كنت خائفا جدا لا انكر ذلك لم اواجه تلك المخاطر من قبل ؛ وانا افكر حدثت الامور بسرعة بالسفينة تغرق كيف ....؟ وماذا حدث .....؟ لا اعلم الجميع يقفز الى الهاوية دون ان يعلم الى اين يذهب او ماذ يفعل ؛ كنت انظر للاسفل لا ارى ولكن اسمع الاصوات فى الماء وفجاءة ودون مقدمات وجدت نفسى اطير فى الهواء فى اتجاه المجهول من فعل هذا من قذفنى ؛ لست مستعد ولم اتخذ القرار ؛ اغمضت عينى وتركت نفسى للتيار وحقيقة لا اعلم ما حدث ؛فتحت عينى بصعوبة ما هذا المكان انا فوق الرمال وتلك الاشجار العالية امامى كثيفة لا ارى ما خلفها ؛ انها جزيرة بلا شك لكن هل مازالت حيا لم اصدق فى البداية ؛ لكنى بالفعل اتنفس واشعربنسيم الهواء يداعبنى فى هدوء ؛ تحركت ابحث عن من نجا وكنت ادعو الا اكون وحيدا مثل الافلام فلن اتحمل كثيرا ؛ وجدته ممد فوق الرمال يتنفس ببطئ ويستعيد وعيه ؛ انه هو كان معى على نفس السفينة رايته اول يوم وسمعت عنه الكثير من الحكايات وان لم اصدق منها الكثير ؛ فهو شخصية هادئة الملامح ؛ لكن لم التحذير منه وما سمعته من الجميع عنه ؛ نسيت كل الكلام عنه فهو الان يحتاجنى مثل ما احتاجه انا ؛ اتفقنا نبحث داخل الجزيرة لنجد اى مصدر للحياة او طريقة لخروجنا من هنا احياء ؛ بعد يومين وجدنا قبلتين من ساكنى الجزيرة لا يفصل بينهم سوء حطام او اثار لسور قديم كان منذ فترة طويلة هنا ؛ والمتبقى منه ركام يحمل بين طياته حكايات كثيرة بلاشك ؛ تنقلنا بين كل قبيلة فترة وكانوا فى غاية الود والكرم وحسن المقابلة ؛ ومن خلال الكلام معهم علمنا سبب هذا الجدار ؛ كان هناك بركان من الدم بينهم توارثته اجيال قد يكون من السبب فى البداية او الظروف التى لاشعال هذا البركان غير معلومة او واضحة لانها تراث قديم لا يعلمه احد ؛ لكن منذ عشرة اعوام مضت اتفق الطرفان على اخماد البركان نهائيا ؛ تكفى كل الاوجاع التى مروا بها على من فقدوهم ؛ وبالفعل خمد البركان وصارت فوقه اطنان من الركام والحطام والاف الذكريات ؛ شعور جميل الامان والسلام ؛ وان تنام دون خوف ؛ من اعتبرته صديقى بالرغم من كل التحذير فلم اجد غيره هنا يرسم الامل معى بان نعود فى سلام ؛ اتضح انه شيطان فى هيئة بشر ؛ كتلة من الحقد والغل بداخله عن كل ما هو جميل ؛ بدء فى تنفيذ مخطط شيطانى بنقل اخبار كاذبة لكل طرف من الطرفين ؛ بدء يزرع الشك بينهم ويرمى بالحطب فى البركان اكوام واكوام ؛ حاولت جاهدا ان ابعده او امحو ما يفعله لايقاف الاشتعال ؛ لكنه كان متقن الاداء ؛ يصنع الخيال دون مجهود ليقنع من حوله ؛ بدأت الشرارة تلمس اكوام الحطب لتشتعل النيران ؛ وفجاءة انفجر البركان وتطايرات الحمم فى كل مكان ؛ تحرق تقتل دون تمييز فهى لا تختار الكل يسقط من هنا وهناك الاطفال والنساء وكبار السن والشباب ؛ النار تلتهم والبركان يثور اكثر واكثر ؛ بحثت عنه وجدته فوق صخرة عالية ينظر الى الاحداث ؛ يبتسم بنشوة المنتصر ؛ تعجبت كيف له يفرح للخراب والدمار ...؟ كيف له يكون شعلة للفتنة لا تنطفى فى اى مكان واى زمان ؛ او ما هى دوافعه من وراء كل الاحداث هدم عشرة سنين من الخمول فى عدة ايام ؛حاولت ان اهرب لكن لا مفر فالحمم تصيب الكل من هنا وهناك ؛ نظرت للاعلى هى قادمة باتجاهى كتلة من النيران مشتعلة ؛ قدمى تحاول الركض فى اى اتجاه لكنها تطاردنى دون توقف ؛ لا مجال للهرب استسلمت واغمضت عينى منتظر النهاية فى صمت .
سمعت صوت حمدالله بالسلامة فتحت عينى بسرعة وجدت نفسى على السفينة والدكتور يقف بجانبى يردد حمد لله بالسلامة لم افهم هل هو خيال ام حلم او وهم ؛ لكن فهمت انه اغمى عليا بسبب دوار البحر عند ارتفاع الامواج وغبت عن الوعى دقائق ؛ معقولة دقائق رايت فيها كل هذه الاحداث .
استعدت وعى بالكامل ونشاطى فى اليوم التالى جلست انظر الى شروق الشمس وافكر ؛ فى الحياة فعلا موجودين هولاء الاشخاص من يلبسون ثوب البراءة والطيبة فوق ملامح الشيطان حتى لانرى الحقد والغل بداخلهم ؛ تجدهم ينقلون الاخبار بعد تزيفها لتفرقة الاصدقاء او الاحباب او لاشعال الفتنة بين الاطراف المتصارعة فى كل مكان ؛ لا تجد سبب لما يفعلوه سوء انهم مصدر للخراب للدمار لنشر الحزن والالم ؛ انهم بنوا سعادتهم فوق البراكين المشتعلة منها تستمد طاقتهم ؛فكل بركان ينفجر بداية وليس نهاية للاستمرار .
الفتنة هى الشعلة لفتيل انفجار البركان و لعنة لمن يملكها بقلبه فى كل مكان ........
بقلمى / شريف القناوى
8/6/ 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق