إقرأ كلامي جيدا
أتذكر في الثمانينيات وبداية التسعينيات عندما تكون هناك مباراة لمصر أو لنادي من الأندية في الخارج كانت الدولة تقوم بحجز القمر الصناعي قبلها بأربعة أيام وكان يعتبر قمة الإنجاز أن تجد مباراة خارجية على الهواء مباشرة
أتذكر كنا ننتظر الخميس من آخر كل شهر حتى نتمكن من مشاهدة مسرحية يتم عرضها على شاشة التلفزيون وكنا نعتبر أن من يمتلك فيديو هو إنسان منعم خالي من الهموم والإكتئاب
كنا ننظر بعين الشفقة إلى شخص تكوينه الجسماني غير طبيعي كزيادة أصبع أو وحمة في وجهه أو إعوجاج في أنفه أو فمه
كنا نشعر بالقهر عندما نكتب شيئا جميلاً ولا يجد من يقرأه أو يثني عليه بكلمة أو أي اهتمام
كنا نموت كل يوم حتى نتمكن من رصد أي حركة أو كلمة للفتاة التي نحبها في المدينة أو خارج المدينة وننتظر تلك اللحظة التي نراها أو نعرف أخباراها
مضت السنون
وأصبحت التكنولوجيا في أيدي الجميع
أصبحنا نشاهد أي مباراة في أي بقعة من بقاع الأرض وأصبحت الفرجة متاحة على أي شيء سواء كان متاحا في الماضي أو ممنوعا من الرقابة
أصبحنا نكتب ويقرأ الجميع كل ما نكتب ونجد من يهتم بنا ويثني علينا
أصبحنا نخرج نتكلم ويستمع إلينا الجميع في بث مباشر أو غير مباشر
أصبحنا نرصد حركات أي فتاة نريد التقرب منها ونعرف ما تكتب ونرى صورها الحديثة كل يوم مع إشراقة الشمس
تقدم الطب وأصبحت جراحات التجميل قادرة على إصلاح أي شيء في الجسم
يعني بالمقارنة مع ما كان يحدث في الماضي أصبحنا في نعيم ورفاهية وتحولت معظم أحلامنا إلى حقيقة
لكن رغم هذا نشعر بنفس الإكتئاب ونفس الأماني وإن تغيرت ونتمنى النعيم الذي يعيشه بعض الناس بل زادت حالات الإنتحار وأصبحت زيارة الطبيب النفسي معتادة أكثر من الماضي
ما أريد قوله هو
أننا لو حتى أصبحت عندنا كنوز الدنيا وكامل الرفاهية والنعيم الدنيوي المطلق فسوف يأتينا نفس الإحساس بالإكتئاب وسوف تتغير مطالبنا وأمانينا
لهذا ما علينا في تلك الحياة إلا أن نتمنى مالم تره الأعين أو سمعت به الأذُن أو خطر على قلب بشر
نعم إنه نعيم الأخرة
د.محمود الذكي
١١
٥ تعليقات
أعجبني
تعليق
إرسال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق