كم تشتكي . .
من سلسلة خواطر
وعد الله حديد
في 23 ك1 2022
أنا أشتكي كثيراً , أحسب أنني ربما خففتُ من شدة آلامي عندما أُكثِرُ من التشكي او ربما شعرتُ بحاجةٍ إلى دعمٍ معنويٍّ من احدهم فيكرمني ببضع كلماتٍ مُطمئِنةٍ تعزز لدي منظومة المناعة والتفاؤلِ .
أعاني من أوجاعٍ غيرَ محتملةٍ في كتفي وذراعي الأيمن هما الاكثر ايلاماً بين مجاميع الآلام , ولكن في حساباتِ التقييم فهي مجردُ أوجاعٍ لن ترقى إلى مستوى الأمراضٍ صعبةُ المراس المعروفة لدى
الجميع , لقد تعودت أن أطلق مواويل التأوهِ وعبارات التَشَكّي في حضرة أهلي , لشديد الاسف أنهم لن يتقبلوها بل يشعروا إزائها بانزعاج , وأنا أعلم عِلمَ اليقينِ أن الشكوى لغيرِ الله مذلّةٌ ولكنْ تلك
آلآلام سوف لن يطال ضررها أحداً غيري , إنهم يروا أن لا مُسَوِغَ لجميع تلك الموشحات وأن بضعَ كلماتِ تطمينٍ يلقونها على مسامعي سيكون لها صدىً لتطييب خاطري وستكون كفيلةً لتخفيف معاناتي
,
هكذا هم يفكرون .
هكذا أنا خُلِقتُ , أستطعِمُ لذةَ للكلماتِ التي تطرق سمعي فأشعر معها انني قد تماثلتُ للشفاء وتبرأتُ من أوجاعي , يالروعة الكلمات وسحرها حين تكون بلسماً روحانياً باتجاه الشفاء , ولكن هل هي حقا
بلسماً شافياً أم يُخيل إليَّ وللناس جميعاً أنها كذلك , أليسَ اللهُ وحده هو كافٍ عبده ووعده ولن ترقى كلماتٌ بائسةٌ مرحلةً فتصبحَ معجزةً تتبخر بعدها الالام .
أشار أحدُهم إلى فكرةِ استبدال أوجاعي إفتراضياً بأوجاعِ أُناسٍ ربما قبلوا بمبدأ الاستبدال , قلتُ في نفسي إنها فرصتي كي أستبدل مابحوزتي من آلامٍ فأختارُ معاناةٍ أخفُّ وطأةً من تلك التي معي .
إستعرضت على عجلٍ أوجاع الاخرين , لم ترُق لي أيِّاً منها كي أعقد الصفقة , إن الله مُبتليهم بأمراضٍ مُستعصيةٌ العلاج غريبةٌ التكوين لا تمت بصلةِ قربى لما لدي , لم يرضَ أحدٌ بهذا المبدأ رغم
كون أوجاعي غير مستعصيةٍ كالتي بمعيتهم ولن يكلف علاجها الكثير من المال , لقد ارتضوا بما قدَّر الله لهم , لابد انهم على قدرٍ كافٍ من الايمان بإرادة الله , إن علي أن أحذو حذوهم عن يقينٍ ,
نعم لقد إقتنعتُ أخيراً أن أوجاعي هي مجرد أوهامٍ كبرت وترعرعت في مخيلتي وقد شاء الله ان يختار ليِ أيسرها على الاطلاق .
لقد اختار الله لي أبسط أنواع المعاناةِ ولكنني كنتُ مجحداً فبادرت اول الامر الى استشارة اطباءِ اختصاص لكن عدت خالي الوفاض فلم يوفقَ الاطباء لوصف عقارٍ شافٍ صرت بعدها اسال القاصي
والداني أن يصفوا لي أيّ عقارٍ مُسَكِنٍ عسى أن يخفف من وطأة آلامي حتى أتيح لي الاطلاع إفتراضياً على معاناة الاخرين تلك التي تفوق مابحوزتي من وجعٍ وآلام فقفلت راجعاً مستسلماً مطمئناً
لإرادة الله راضياً بقسمتهِ , إرادة الله فوق أيةِ إرادةٍ ,
لاتذهب بعيداً ولا تبالغ كثيراً أيها الإنسان , لاتُهَوِل الأمورَ فتُرهق نفسك وتؤذي من هم حولك , تذكر جيداً أن الاخرين يعانون اضعاف معاناتك فاصبر ولا تُجاهر بما تعاني
فيضيعُ أجرُكَ بل فوِض أمرك لله فهو الذي ابتلاكَ وهو الذي سيشفيك إذا شاء .
وعد الله حديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق