الخميس، 4 أبريل 2024

 ( أدراجُ الأيّام / ربيع دهام)

"في تلك الخزانة الصغيرة أدراجٌ كثيرة. ولكلِّ دُرجٍ عنوانٌ مناسبٌ وضَعتُهُ"، شرحتُ لها.
أومأت برأسِها، ثم أشارتْ إلى الدُّرج الأسفل في خزانتي وسألتني:
- ماذا يوجد هناك؟
أجبتُها:
- في ذاك الدُّرجِ محفظتي وجواز سفري وبعد أوراقي الثبوتيّة. واسم الدُّرج: "حاجاتي اليوميّة".
ثم أشارت إلى الدُّرج الذي فوقه.
- وهناك؟، قالت
وأجبتها:
- هناك ثيابي الداخليّة. واسمُ الدرج ...
قاطعتني وأكملت ضاحكةً:
- طبعاً... ثيابي الداخليّة.
وضحكتُ أنا، وصوّبتْ هي سبّابتها إلى الدُّرج الأعلى ورقمتني بنظرةٍ استفهاميَّة.
فأجبتُها:
- هناك مخطوطاتي التي عليها كلماتي. وخربشاتي. وقصصاً وتجارب كتبتها، ورواياتي.
واسم الدُّرج: "كتاباتي".
- وهناك؟، وأشارت نحو الأعلى.
- هناك دفاتر من يوميّاتي، ملأتُها بمشاريعي وأهدافي المستقبليّة وأمنياتي. وأسميتُ الدُّرج: "أحلامي".
وأخيراً أشارت إلى الدُّرج الأعلى وقالت:
- وهناك. ماذا هناك؟
سرحتُ لبرهةٍ وقلتُ لها:
- هو دُرجٌ فارغٌ لا شيء فيه.
- فارغٌ؟ لماذا؟، سألتني.
فأجبتها:
- هو في الأصل لم يكن فارغاً. لكني اضطررتُ أن أخليه وأنتقل بمحتوياته الكثيرة والمتكاثرة إلى الخزانة الأكبر التي على اليمين.
صفنتُ في الخزانة الأكبر التي على اليمين، ثم شهقتْ نَفَساً طويلاً وسألتني:
- وماذا في الأدراج هناك؟
- هي خزانة بدرجٍ واحدٍ كبيرٍ، قلتُ لها.
- وماذا فيه؟، أصرَّت أن تعرف.
فابتسمتُ بألمٍ ومضغتُ حروف الحزن وبلعتها قبل أن تخرج من ثغري.
لاكني الصّمتُ، ولم أقل لها شيئاً.
فسبقتني ابنة خالي الفضوليّة وركضتْ نحو الخزانة وفتحتْها، ثم راحت تمعن النظر في محتوياتها.
- ماذا هذا؟! لوائح بأسماء أصدقائك؟، قالت مندهشةً.
وراحت تتصفّح بشغفٍ الأوراق.
- عددهم كبيرٌ ما شاء الله، قالتها وضحكت.
استدارت نحوي وسألتني:
- وما...ما هم عنوان الدُّرج.
- تقصدين عنوان الخزانة، قلتُ لها.
- نعم نعم أقصد عنوان الخزانة، قالتها بنفاذ صبرٍ.
وصمتُّ لبرهةٍ أنا ثم أجبتها، وبمرارةٍ الأيّام والسنين المديدة:
"خيباتي".
أعجبني
تعليق
إرسال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكوى الطبيعة

  شكوى الطبيعة همست ْ بأذن ِالليل ِ أغصان ُالشجر ْ تشكو حنين َ الروض ِ شوقَـَه ُ للقمر ْ والورد بثَّ غرامه ُ متــلهـِّـفا للنور ِ يغمر ُه ُ ...