الجمعة، 5 يناير 2024

قبس من نور "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ..." تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور
"مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ..."
هذه الجزئية من سورة الأحزاب من آية 23 ، تلك السورة التي لا تنتهي دروسها فقد كانت غزوة المؤمنين مع الكفار والمنافقين إلى الأبد وهي الأشد والأقسى في ظروفها لذا سطر القرآن أحداثها في سورة خاصة بها حتى لا تَناسَى أيام الأحزاب فالصراع معهم قائم بين الحق والباطل ومع هذا "إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا"
فالآيات القرآنية مازالت تتنزل للتو على المؤمنين تبعا فتبعث فيهم الحياة والبذل والعطاء والتضحية في سبيل الله من أجل نصرة الحق والعدل ومقارعة أهل الباطل وأعوانهم من أجل "وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ" 141 آل عمران
رجال وليس كل الرجال رجال مخصوصين دون غيرهم بصفاتهم وذواتهم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فقط دون لغط،، رجال تحققت فيهم معنى الرجولة بكل معاني السمو والرقي والإيمان الذي ثبت في قلوبهم وما جاء به رسول الله ،
وهكذا كان اختيار القرآن رجال لا يخافون في الله لومة لائم ...رجال ورثوا الأمانة وحملوا الرسالة كابرا عن كابر بذلوا لها النفس والنفيس جيلا بعد جيل من أمة وصفها القرآن ضمن شروط النجاح "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ"110 آل عمران
أن شئت أن تقرأ أجمل تعبير جاء في صفات تلك الرجال المؤمنين عليك مطالعة ما ورد في القرآن الكريم في مختصر جميل كلمات كلها نور على نور أنهم أهل المساجد وعمارها ..."فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ"36/ 37 النور آيتان فريدتان جاءتا بأحسن بيان وإيجاز ووصف كامل وميزان ويكفي ذلك أنها كلام رب العالمين
هؤلاء الرجال هم المؤمنون صفاتهم الصدق والصدق عنوان رجولتهم عرفوا وتميزوا ومدحهم الله به "الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ"17 آل عمران فالصدق دليل الطمأنينة والتسليم لله فيما أمر به ونهى عنه ...
فالالتزام بالعهد دليله الصدق فهم كالذهب الخالص الثمين الغالي درجة وثباتا وصبرا ورفعة ونفسا زكية وطهارة قلوب ظاهرة وباطنة، بالعهد يعرف الرجال الأفياء بذلا وعطاء، عاهدوا الله عليه ولو كلفهم حياتهم وفاء في سبيل الله....
والإسلام حافل بمثل هؤلاء الذين قدموا أمثلة تحتذى في الاستشهاد في نصرة الحق مقبلين غير مدبرين فهذا خُبَيْبٌ بنُ عَدِيٍّ رضي الله عنه ،قال حينما أسره المشركون وأجمعوا على قتله :-
فلستُ أُبالي حِينَ أُقتَلُ مُسلِماً... على أيِّ جَنْبٍ كانَ في اللهِ مَصرَعي
ولستُ بمبدٍ للعدو تخشُّعاً... ولا جزَعَاً، إنّي إلى الله مَرجِعي
هاهم شهداء فلسطين وغزة والقدس الشريف يعيدون الصورة حية معبرة من أمثال الشهيد تيسير أبو طعيمة وهو رافع سبابته بالتشهد والوحدانية لله، ساجدا لله على تراب غزة يشهد له كلمه الذي خضب جسده بدمه الطاهر،
امتثالا لحديثه صلى الله عليه وسلم "والَّذي نفسي بيدِه لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيلِ اللهِ إلَّا جاء يومَ القيامةِ وجُرحُه يثَعِبُ دمًا اللَّونُ لونُ دمٍ والرِّيحُ ريحُ مِسكٍ"
ومجاهد آخر مقطوع اليد يجاهد بيد واحدة يضع فيها الذخيرة في فوهة مدفعه وبها يغلق أحدى أذنيه عن سماع صوت الباطل ...
هذه أمة بعون الله لن تموت إلا بالشهادة لله دافعا عن عقيدتها وإظهارا للحق ونصرته ودحرا للعدو الغاشم وحماية للإعراض والأوطان...
تحياتي لكم أهل غزة وعموم فلسطين أهل العزة والمنعة من البحر إلى النهر، وجزيتم عنا خير الجزاء فقد دحرتم وأفشلتم مخططات العدو اللعين في فلسطين الطاهرة بأمر رب العالمين :-
قال الله تعالى "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" 1 الإسراء
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(لا تزال عالقة) بقلم عواطف فاضل الطائي

(لا تزال عالقة) حلقة مفرغة من الخيارت تراوغها بيقينها ان القدر سينظم لهما لقاء وكأن الحياة قد توقفت في تلك اللحظة.. لا تعرف ماذا تفعل هل حقا...