الحمامة
عندما تطير الحمامة البيضاء عادة فإنها تطوف بمواطن الصفاء ناثرة عبق التآخي وعطر الإحترام وبذور العيش في قلب البيت الكبير الذي يسع الجميع بمختلف مشاربهم و توجهاتهم وآمالهم.
ومع تطور آليات التواصل وطفو النوايا المبيتة للسطح تمت إماطة اللثام عن الحقيقة التي تأبى التفوه ببنت شفة برغم مناهج تغليف الحقائق وتقديم أطباق السم في العسل في جو بهيج مفعم بمشاهد الفرح المزعوم ومظاهر التحضر الزائف المنبعث من زوايا الغرف المظلمة عابرا مناهج التدريس وأنظمة الحكم والإستشراف الدقيق لعالم يقوم على النبوءات والتعاليم الدينية المتطرفة.
فطرقت الحمامة بمكر المتربصين بها ميادين الخداع فتوشحت لواءه وتنكبت تعاليمه حتى تلونت بثقافة الرياء و النفاق و الخداع فغدت تسوق للمدينة الفاضلة وبنود التحرر والتعايش وفهم الآخر بحجة التواصل على بساط واحد في حين عاد السم الزعاف محرك الخطوات والراعي الرسمي للمبادرات. فبين الرسالة وأختها تعبر بخبث تعاليم هادمة وبرامج طوت بين جنباتها آليات لإرساء قواعد بيع الذمم والتبرع بالملكية للغريب والتسويق للخلافات الدينية بغية نشر التفرقة وزعزعة الثقة والثورة على المقدسات.
فرحلة الحمامة تقود كل متمعن في الهالات الإعلامية والزخم المفروض على القنوات وهي تروج لمفهوم السلام للتفكير بعمق في ماهية السلام المقصود والمعنى الحقيقي للتعايش المزعوم المتكرر في الشعارات الرنانة لدرجة برمجة العقول الباطنية على واجب مقاسمة كل ما تملكه مع الغريب الذي يطرق بابك بعنف لا إستنساخا لعلاقة المهاجرين بالأنصار ولكن إيمانا بالتعاليم الجديدة للإنسانية عندنا يقاسمك العدو ممتلكاتك لدرجة سلبها منك وما عليك إلا التصفيق والتطبيل لزمن مفاوضة سارق سيارتك منك على إستلافها منه يوما في الشهر او في السنة او الدهر وكلك أمل أن يلقى طلبك موافقة ولو بشروط مذلة و مخزية من الغازي الدخيل.
فالحمامة البيضاء اليوم لم تعد تطير لتنثر العطر ولم تعد توحد لرأب الصدع مرحبا بها كلما تطرق بل عادت مدرسة لتدريب أصول بيع الذمم ومناهج الخضوع وتعاليم إيثار الغريب الحاقد على العرض والأرض والشرف.
محمد بن سنوسي
من سيدي بلعباس
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق