ألمَطَبُّ والرمَّاشُ . . .
وجنابي الكريم
من سلسلة خواطر
وعد الله حديد
في اليوم الخامس عشر
لازلتُ حتى الساعة أحلمُ بوطنٍ نظيف , النظافةُ تعني الكثير لمن يؤمنُ بالتلميح , لم أزل وسأبقى أحلم
بوطنٍ ينعم فيهِ المواطن بالأمن والسلام , يفرضُ القانون نفسَهُ فيتباهى بنفسه واثقاً أن سطوتَهُ حقيقيةً
آتَتْ أُكُلَها و أنه إستطاع أن يُحقق ما يصبو المواطن لتحقيقه فيهنأ بعيشه في ظلِّ استتبابِ الأمنِ وصولاً
إلى مرحلةِ ولادةٍ ليستْ قيصريةً لِما يسمى بالرفاهية ,
ألا ترون أن طريقاً سالكةً نحو الرفاهية ليستْ عسيرةً جداً بِالحدِّ الأدنى من العُسر .
ترى كيف يمكن تحقيق الرفاهية لوطنٍ مارس البعضُ من أفرادِهِ الإنفلاتَ بمستوياته وطفِحتْ بِرأسهِ الفوضى
وصَمّ أُّذُنيه عن أن يتقبلَ النصيحة , ,
تلبدَتْ الأجواءُ يوم أمسٍ وأنذرتْ بِسقوط أمطارٍ بعد حين ,ولكنها غَيّرَتْ رأيها في لحظاتها الأخيرة خوفَ
أن تُغرِقَ طرقاتُ المدينةِ بالمياه فيتسببَ السيلُ المحتمل بخلقِ أجيالٍ جديدة من الحفر والتشققات ,
أما المساكن العشوائية للمساكين من القوم فهي ليست بعيدةً عن التضرر بالهطول السخِيِّ للأمطار ,
والباعة المتجولين لهم شأنٌ آخرُ , إنهم أناسٌ واهنون بضاعتهم لا تُسمنُ ولا تُغني من جوعٍ وإن
صادف أن حلَّ المطر ضيفاً ثقيلاً عليها فسوف يُضطرُّ إلى رزمها بما أُوتي من سرعةٍ وقوة واللجوءَ
إلى أقرب مِظلةٍ يحتمي بها متألِماً مُحتضناً بضاعتهُ المتواضعة ناكراً الجميل الذي يتأتى من هطول المطر .
يا لعظمةِ الغيومِ والأمطارِ عظمتُها مقرونةً بعظمة خالِقها ألا تروا أن اللهَ خبيرٌ بصيرٌ بِشأن عِبادهِ فهو يُرسلُ السماء
عليكم مدراراً لِغايةٍ ولكن يأبى عباده أن يتبصروا أُلأمر .
ليس موضوعي عن المطر تحديداً ,
ولكن رحلتي كانت في هذا الظرف المتلبد بالغيوم المُنذِرِ بالمطر , فأثارت شجوني وتذكرت معاناة قومي في المطر وحين
مُخاصمتها لنا فيحل الجفاف .
قبل أن أُغادر محل سُكناي يجب أن أضعَ خِطةً عصْماءَ كي أصل بِيُسرٍ وسهولةٍ إلى المكان المقصود .
ها أنذا أجتازُ أولى الإشارات الضوئية , إجتزتها في آخر لحظةٍ للضوء الأخضر ولفضولي المبالغُ به بقيت كعادتي أُرقُبُ
المركبات التي ضبطتها مرآتي العاكسة , لقد تَخَطَّى الإشارة الحمراء عدداً لايُحصى من المركبات ,
ويبقى رجل المرور واهِناً ضعيفا لا سُلطةَ لديه لإيقاف هذا السيلُ الجارفُ من التسيبِ و الفوضى,
هذه أُولى محطات إنعدام النظام وتقهقره أمام تصرفٍ غير مسؤولٍ للبعض من القوم .
المطبّات الصناعية هي طفرة نوعية لِأمن المركبات وأمن الانسان على حدٍّ سواء , ومثل المطبات الصناعية أضوية المرور
طيبة الصيت , إنها الخدمةُ التي تسهل الحركة المرورية وتُريحُ رجل المرور , إنها جميعا لم تتواجد عبثاً وانما خدمة جليلة
للإنسان .
عند أحد تلك المطبات. .
إستطعتُ بوقتٍ قياسِيّ أن أرصُدَ ست عشرة مركبة لم تُطلقَ الأضوية الرماشة وهي تجتاز المطب ,والكثير منهم لم يتكلف
أن يُقلِلَ من سرعته وهو يجتاز المطب ,
الذين يقودون مركباتهم وراءك سيعرفون أن هناك مطب صناعي امامهم حين اطلاقك تلك الاضوية . فلا تبخس بأن تضغط
على زر الرماش فهي لن تستغرق وقتاً ولن تستهلك جُهداً
إنني أرهق نفسي وأتطاول على هدوئي وأعصابي لكثرة ما أُعانيه من رصد هفوات الآخرين من قادة المركبات .
ألوم نفسي بعض الوقت وأردد المقولة المستهلكة ( آني أش عليّ ) ولكنني لن أفعلها وسأظلُ أرصد هفوات الاخرين
واصدحُ بها عاليا عبر الوسائل المتاحة . . لأنني أعرف جيداً ماتعنيه المواطنة الحقةُ ومنظومة الأخلاق .
لن تتكلف كثيراً حين تعطي إشارة الإنعطاف ولن ينقص منك شيئا حين تقلل من سرعتك عند اجتياز المطب وتطلق
الرَمَّاش ,كل أُولئك خلق من اجل حمايتك وسلامة من يستقل المركبة معك , ان الحضارة تبدأ رحلتها من المنزل
مروراً بالشارع مُنهِيَةً رحلتها بالمؤسسة التعليمية بمختلف مستوياتها .
آمِن نفسك فيأمن الاخرون إن انت التزمت بقواعد السير والادامة المستديمة لمركبتك .
وعد الله حديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق