الخميس، 7 ديسمبر 2023

لن أُسامح نفسي . . قصةٌ قصيرةٌ . . من الواقع وعد الله حديد في اليوم السابع من شهر ك 1 2023

 لن أُسامح نفسي . .

قصةٌ قصيرةٌ . . من الواقع
وعد الله حديد
في اليوم السابع
من شهر ك 1
2023
أجواءٌ يغلُبُ عليها إعتدالٌ مُعدلاتِها يشوبُها بعضُ برودةٍ فيصعب علَيّ الأتيانَ بوصفٍ يليقُ بهذه الأجواءِ المذهلةِ فأرنو إلى الإستمتاع بها خارج أنطقةِ فهمها .
جموعٌ غفيرةٌ من البشر تملأُ الطرقاتُ بين متسوِقٍ وبائِعٍ , ألباعةُ يعلنون بإصرارٍ عن نوعيةِ بضاعتهم وجودتها , كلٌّ له غايته وشأنه , متوكلين
غير متواكلين يدفعهم الأمل بأن الله هو الرزاق الخبير البصير بِأوضاعهم يتضرعون أليهِ كُلٌّ حسب استيعابه للتضرُع أن يَرزقهم اللهُ ويُسهل لهم أمرهم .
ومع إطلالةِ هذا اليوم لم تتمكن الشمسُ أن تُبدي مواصفاتها الخارقة وسط البرودة المتواضعة فأتت باستحياءٍ واهنةً شاحبةً ,
وجدتُ نفسي أتيه ضمن هذا الجمعُ النافِرُ دونما هدفٍ ,
إنّ لي في المحيط الذي اتسكعُ فيه صديقاً قديماً , يتخذ من احد مقاعد المقهى مكاناً يعرض فيه بضاعةً ليستْ هي رائجةً على حد معرفتي , انه يعرض
بضعة (سبحاتٍ ) ومحبسين اثنين فوق مساحةٍ بحجِمِ شاشة حاسوبي , بضاعةٌ شديدة ُ اليُتم ِغارقةٌ في جوٍّ من التواضع والخضوع ولم أجد في جعبتي
وصفاً لبضاعتهِ أكثر دِقةً مما أتيتْ فقد انتابتني نوبةَ ضيقٍ لما رأيتْ .
ألقيتُ عليه تحية الصباح فحياني بمثلها , لم يكن بهيئته التي عهِدتُهُ عليها , لابد أنه يشتكي من أمرٍ ما , لقد سبق وأخبرني يوماً أن امرأته قد توفاها الله
وفي النية أن يبحث له عن امرأة تَسد الفراغ الذي تركته الراحلة ,
وشرَع يسرُدُ عليَّ تفاصيل محنتِهِ باقتضابٍ شديد ,
قالَ :إنني مُتعبٌ وضجِرٌ ألى أبعد حد , المكان الذي أُزاول فيه عملي يُرهقني ويمتهنُ كرامتي , أسلفتُ قبل شهرين شخصاً مبلغاً من المال , توسمتُ
فيه الصدق والأمانة عندما وعدني بِإعادةِ المبلغَ خلال يومين , إختفى الرجلُ وأقفل جواله فاختفى على اثرها مبلغ المال الذي سبق أن أسلفتُهُ إيّاهُ .
إستطرد بعد أن استجمع افكاره واسترد انفاسه ,
قال : سرق أحدهم قبل يومين إثنين من جيبي مبلغا من المال قدره مائةٌ وستون الفاً من الدنانير ,
ماعاد يستطيع ان يُكمل حديثه
همستُ في سِرّي ان لا حول ولا قوة الا بالله , ولكي أتحرر من إحتمالية سماع أشياءَ مؤذيةٍ أُخرى قفزتْ إلى ذهني فكرةَ أن أجعلَه يُغير الموضوع ,
لم يُبادر هو فيغير الموضوع وليس في جعبته ماهو مُنعشٌ كي يطرحه بل بادرته بالسؤال
هل وُفِقتَ بايجاد امرأةٍ للزواج ,
قال وهو بأشد حالاته من الجزع والخنوع منذ سنواتٍ عشرٍ وأنا جادٌّ بالبحث عن امرأةٍ للزواج ولكنني لم أُوفق ,
يا لحظك التعس ياصديقي العزيز , قلتها في سرّي خَشية ان تلتقطها أُذُناهُ فيزداد كآبةً ومقتاً لنفسه ,
ودون أن أُوجه إليهِ سؤالاً بادرني بالقول
كانت زوجتي تُهيئُ التنورَ وتسجُرُهُ وتحضره للخبز , أمسكتْ بِآنيةٍ بلاستيكيةٍ وقذفت مابداخلها إلى فُوَهَة التنور فانفجرت على أثرها الآنيةُ وانفجر التنور
هو الآخر مثل قنبلةٍ موقوتةٍ ,
ودمِعَتَ عيناهُ فمرَرَ يده اليمنى يُداري فيها دموعاً سخيةً توشك أن تنحدر فوق وجنتيه , إحترقتْ رجلا زوجتي حروقاً من الدرجة الثالثة , ولاح لي منظَرهُ وهو
يتألم على إثرِ تَذَكُرِهِ حادثة احتراق زوجته , عرفتُ عن يقينٍ مدى حزنه ولوعته في تلك اللحظه ,
وأردف قائلاً : تجاوزنا الأزمة أول يومٍ لِإصابتها وأصبحت أحسن حالًا بعد يوم فبُعِثَ الأملُ فينا بأنها عَدّتْ مرحلة الخطر فاطمأنت نفوسنا جميعاً ولكن . . .
لم نكنْ نعلمُ أن القدرَ كان قد خَبأُ لنا شيئاً .
لم يمر اليوم الثالث بسلام فقد تفاقمت ازمتها وساء وضعها الصحي مما يُنبِؤُ عن كارثةٍ , لم يُفِد معها جميع إسعافاتٍ تواتريَةٍ فكانت هي أقربُ إلى الموتِ منها إلى الحياة
وأسلمتْ الروح الى خالقها .
وَعَقّبَ وهو يجْتَرُّ الكلماتُ إجتراراً
لم يكن محتوى الآنيةَ البلاستيكية سوى البنزين , كانت غلطتي أنا وليست غلطة امرأتي , سوف أُسألُ يوم الدين عمّا اقترفت يداي وسأُحاسبُ حساباً عسيراً عن مدى
سهوي واستهتاري بِعدم تحذيري لِأهلي من أن الآنيةَ كانت تحوي سائلاً سريع الإشتعال وليس هو نفطاً أبيضاً , سوف لن أسامح نفسي مادمت حياً ,
وكانت آخِرُ كلماته مُنهيّاً حديثهُ : أقسمُ بالله العظيم بأنني لم أهنأ ولم أستطِع إلى النوم سبيلاً منذ غادرت الدنيا زوجتي ,
ماذا يمكن أن أقول له مواسياً كيف أُهدِئَ من روعِهِ وأيةُ كلماتٍ سحريةٍ يمكن أن تواسيه وتخفف من وطأةِ مأساتِهِ ,
لقد تبددتْ مُتعتي وتبخرت من رأسي جميع مقومات النشوةِ بين أجواءٍ مثاليةٍ ومشروبٍ دافئٍ ووجوه يانعةٌ تقطرُ بشاشةً وانقلبتْ أساريرُ وجهي مثل ما كانت عليه أسارير
وجه صاحبي المسكين .
هفواتٌ تافهةٌ لاترقى إلى مستوىًّ أخطاءٍ جسيمة كانت وستبقى كفيلةً بِالتسبب بحوادثَ كارثيةٍ غيرَ مُتوقعةٍ سبَبَها شرود ذهنٍ وتوهانٍ مُقترفيها ,
لاتتهاونوا أبداً ولا تستهينوا بتوافه الأمور واحسبوا حساباً دقيقاً لكل صغيرة وكبيرةٍ فالغازُ والكهرباء والبنزين وحتى الماء هي عناصر خيرٍ وشرٍّ في آنٍ واحد فاهنئوا
بخيرها واحذروا شَرّها .
نحنُ مُلزمون بتوخي الحذر تجاهها وعدم وضعها على قائمة الصدفة وحسن الظن والتهاون .
إنه سمير . . صديقٌ من ستينات القرن الماضي .
وعد الله حديد
قد تكون رسمة لـ ‏رقص‏
أعجبني
تعليق
إرسال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كيف أنّجو من غوصّي فيكِ

  كيف أنّجو من غوصّي فيكِ وصوتكِ يجعلني فيهِ غريق كيف أنقذ نفسي من جحيمكِ وهمسكِ يشعلّ في صدري الحريق كيف أجد السبيل الى خلاصي منكِ وكلما اه...