الطـفـلُ الشهـيد
سعـيد العَـلمي
وداعـا ً كـريها ً أبي يا حـبـيـبْ ولا تـَجْــزَعَـنّ فـإنـّي قـريــبْ
********
أبي قـد جَـثـَوْتَ عـلى جُـثـّـتي نحـيـبا ً تـفـجّـرَ وسْـط َ الخـَـرابْ
وروحيَ حَــوْ لـَـكَ طـيّـارة ٌ ولوْ أنّ جـسما ً ثـوى لِلـتــُـراب
********
أبي ألفَ شوطٍ مَـشيْـنا الطريق يدي في يديْـكَ وخَـطوي خُـطاك
وكانت طريقيَ صـوبَ الدروس ِ فأضحَـت لهـذا الـرّدى والهـَـلاك
********
أبي الناسُ حـولـَـكَ مُـلتـفّـة ٌ تُـشاطِرُكَ الحُـزْنَ والـفاجـِعَـة
وكُـلـّهُمُ نـُهْـبَـةٌ للهُــموم ِ لِـعِـلـْـمِـهُـمُ أنّـهـا راجـِـعَـة
********
أبي الموتُ مِن حولنا والدّمارُ فساعد جريحاً وأوقـفْ نزيفْ
وكَـفـكِـفْ دموعَ الثكالى وذكِّرْ ببَـأس الإلهِ وحـقِّ الضّعـيـفْ
********
أبـي أتـوسـّــلُ فــيـكَ ثـَـبـاتـا ً فأنت الذي كنتَ دوما ً عَـصِيّْ
ولم تـشكُ عُـمركَ ظـلماً وقهرا ً فـكُـنتَ كـما الصّخـرِ فـذاً قـويْ
********
أبي إنّ روحيَ تـهـفـو إلـيـكَ إلى أمـيَ النـّـبْـعُ عـذبٌ نَـمـيــرْ
إلى أخوتي الزُّهْـرِ في بَـيْـتِـنا ننامُ ونلعــبُ فــوقَ الحــصــيــرْ
********
أبي ما عـسـاك تـقـولُ لأ ُمّـي وهـل ينفعُ القـولُ إذْ حَـلّ حّــيـْـنْ
فـفي بيـتـنا تـنْـتـظِـرنا بخوْفٍ كـأمِّ بـِـلادي... بـِأذنٍ وعـَــيْـنْ
********
أبي قـُـلْ لأمّيَ أنـّي شـهــيـدٌ وأنّ الشّـهـادَة َ مـجْـدَ الحـَـيـاة ْ
وأني شفـيعٌ لسَبعـيـنَ نفس ٍ وأولـُـهــا وجــهُ أمـّـي أراه
********
أبي عَــشْـرَة ٌ معـكَ أمْـضَيْـتـُها بـكَـنْـفِـكَ حُــبّ ٌ وعَـزْمٌ ونـورْ
كـنـبْع ٍ بــِقـَـلْـبـِكَ جارٍ نـقِـيّ ٍ لترعاكَ ذكرايَِ لـيسَتْ تغـــور
********
أبي أخوتي لن يُطيقوا المُصابَ وهمْ من رآى الموتَ يوماً فيومْ
فـقلْ لهـُـمُ أنّ روحي سـتـبــقى تـُعانِـقـُـهـُـمْ بـيْـن َ صَحْـوٍ ونــوْمْ
********
أبي كـل قــهْــرٍ مـرَرنا بـهِ جَـبَـلـنـاهُ بـالـحـبِّ والـعـائـِـلـَــةْ
فأنت وأمي صنعــتـمْ لـــــنا ريـاضـا ً تــفـوحُ عــلى الــغــائلةْ
********
أبي كـيـف كـنـتـم ونحن نيامٌ وهُـمْ يَـقـْـصِـفـونا بنار ِ الجَـحـيمْ
تكـوّرتَ أنتَ وأمّي عــلـيْـنـا لـتـحْــمـونَـنا مِـن سُــعـار ِاللـئـيـم
********
أبــي كـلّ ثانـيةٍ قـد قـضَـيْـنا مـعا ً أبقِــها في الـنـّـهى نابـضَـةْ
فـكـلّ الـثـّواني معــا ً غالياتٍ ولـوْ بالـشّـقاءِ انقـضَـتْ غائِـضـَـةْ
********
أبي كـلّ خـيْـطٍ نسَــجْـنا سَويّاً ذهـابـا ً إيـابـا ً وكَـدّا ً وسَــعْــيْ
لأعـظـمُ ما في الحـياةِ معانـي وأنصعُ ما فـي الـشروقِ البَـهـِـي
********
أبي كـلّ وقـتٍ جُـمِـعْــنا بــهِ صَـنـَعْــنا ملاذا ً لـنـفس ٍ وضوءْ
فإبـقوا سويّـا ً بدونِ انفـصام ٍ كـمِـثـْـل ِ الصلاةِ ومعها الوضوءْ
********
أبي إنـّـهُ موطــنٌ بائــسٌ عَــليْـنـا تـكالـَـبَ فـيـهِ العُـلـــوجْ
جـحـافِـلـُهُـمْ قـد أتـتـنا لهـيـباً لِـتـَعـصِـفَ حَرقا بخضرِ المُروج
********
أبي يـقـتـلونا صغـاراً كـبـاراً نساءاً رجالاً ولا يـفــقـهــونْ
فإن بـكُـلِّ شـهـيـدٍ لـدَيـْـنـا لحَـتـفِـهـمُ عُـنـوةً يَـقـْــرُبونْ
********
أبي اللهُ يرصُدُهُمْ أجْـمَعـينَ وسوفَ ينـفـِّــذ ُ فيهـِـمْ وعــيدْ
فـهـيّـا لتـَحْـمِـلـني في مماتي كأنـّيَ ما زلتُ طِـفـلا ً ولـيدْ
********
أبي إنّ أرواحَــنا هـا هُــنا وآلافُ أخــرى لـَـكَــمْ أزهَــقــوا
تـنيرُ طريقـَـكـمُ للخلاص ِ صموداً من النـّـيـرِ كيْ تـُعْـتـقـوا
********
أبي إنـهـم زمرة ٌ مــن رعاع ٍ وهُـمْ للـشّــرورِ جـنودُ الأزلْ
ولن يـُنـقـذِ الأرضَ منهمْ سواكَ ومعـكَ الشعـوبَ وجـيشُ الأمـلْ
********
أبي فالصّمودُ فإحـدى اثـنـَـتـيْـنِ ولا ثالــثٌ لهُــما فــي القــدَرْ
فإمّـا الشـّهادةُ سهـمٌ مصيـبٌ وإما انـتـصارٌ يسـرّ البَـشَـرْ
************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق