لماذا الشّرق الأوسط هو مهبط الدّيانات الثلاث؟
بقلم: فؤاد زاديكى
سؤال قد تكون الإجابة عليه مُحيّرةً أكثرَ منه كسؤال. لماذا كلّ الدّيانات السماوية نزلت في الشّرق الأوسط؟ طبعًا باستثناء الديانة الزّرادشتيّة (الزرادشتية هي ديانة تعود إلى زرادشت المولود قبل المسيح بحوالي 660 سنة) في بلاد فارس و البوذية (نشأت البوذية في شمالي الهند على يد شاب يدعى سِدهارتا غوتاما، والذي ولُد في منتصف القرن السادس قبل الميلاد) في الهند و قبل هذه كانت الديانة البرهميّة الهندوسيّة (الهندوسية واحدة من الأديان العالمية مثل المسيحية واليهودية والإسلام والبوذية, نشأت قبل الميلاد بحوالي ألفي عام).
لماذا اختارَ اللهُ شعوبَ هذه المنطقة بالذّات دونَ غيرها من شعوب العالم علمًا أنّ هذه الشعوب لا تمثّل سوى العدد اليسير من مجموع البشر الذين يعيشون على هذا الكوكب؟ هل هو اختارهم لأنّه يحبّهم أكثرَ من بقيّة الشّعوب الأخرى؟ أم أنّه يعلم بأنّ شعوب هذه المنطقة جاهلة متخلّفة و هي بحاجة لتوعية تكون سببًا في خروجها من هذا الواقع المرير؟ أم أنّ منطقة الشرق الأوسط لها ميزة استراتيجيّة خاصّة لا تتوفّر لغيرها من المناطق؟ هل أراد الله أن يرسل أنبياءه إلى هذه الشّعوب الموجودة في الشرق الأوسط لهدايتها لأنّها كانت على ضلال و أراد أن يُخرجها من ظلمة هذا الضّلال إلى النّور؟ و هل هذا إقرارٌ من الله بأنّ بقيّة الشّعوب التي كانت خارج هذا المكان لم تكنْ بحاجة إلى الهداية؟ أي بمعنى أنّها كانت على هداية و علمٍ و معرفة و على صلاح و تقوى؟ إنّها مجرّد أسئلةٍ تخطرُ على بال المتعمّق بهذا الأمر. لكنّنا لو حكّمنا العقل و المنطق في إجابة يكون فيها شيءٌ من المعقول لقلنا و لماذا بقيت كلّ هذه الشعوب على تخلّفها بل و زاد تخلّفها أكثر و انحطاطها الفكري و الثقافي و المعرفي, لتصبح من الأمم التي تسخر منها بقيّةُ الشّعوب؟ بينما نرى الشّعوب الأخرى التي كانت بعيدةً عن مجال هذه الدّيانات السماوية كما يُقال, تعيش نهضة عمرانية و تقدّمًا تكنولوجيًّا رهيبًا, و هي التي تقدّم لكلّ شعوب العالم ما تحتاجه من نتائج هذا العلم و هذه المعرفة, بكلّ مناحي الحياة.
يقول القرآن:وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً( النحل: 23)، وفي آية أخرى:وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِـيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ( يونس: 47)، وثالثة: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ( فاطر: 24)، وهكذا غيرها من آيات ونصوص. إذا كان هذا صحيحًا فَأين هم الأنبياء الذين تمّ إرسالهما إلى أمريكا و أوروبا و أفريقيا و أوسترالية و غيرها؟ أليس هذا الكلامُ مُستَغرَبًا بعضَ الشيء؟ لكنّ كلامَ الإنجيل هو أكثر واقعيّة و منطقيّة حين يقول إنّ المسيح جاء لجميع الأمم, علمًا أنّه قال في مكان ما: "جئتُ لِخاصّتي, و خاصّتي لم تعرفني"
أمّا اليهوديّة و على الرّغم من أنّها ليست ديانةً تبشيريّة كالإسلام و المسيحية إلّا أنّها جاءت لليهود كشعب كما جاء الإسلام لأمّة العرب. يتساءل الأستاذ علي الحسيني في مقالٍ له نُشر في موقع (مركز الرّصد العقائدي) بتاريخ 27/10/2020
"ماذا عن سائر الأمم الأخرى الذين يعيشون خارج الشرق الأوسط، على سطح هذه المعمورة ؟
وأين العدالة الإلهية في خص منطقة جغرافية محددة بالوحي وحرمان سائر مناطق العالم ؟
وهل بقية مناطق الأرض غير مهمّة بالنسبة إلى الله؟
ولماذا نزلت كل الأديان السماوية في الشرق الأوسط، ولم نسمع بنبي في باقي مناطق العالم مثل الصين و الهند و أفريقيا و الأمريكيتين؟!
وهكذا، تخلُص الإثارة لطرح ثلاثة تساؤلات إشكالية، جُمعتْ في العرض آنفاً :
الأول: لماذا لم يبعث الله أنبياء خارج الشـرق الأوسط ؟! إذ لا وجود للنبوة خارج أسواره، ولم يظهر نبي في شعوبها، نعم، ظهر في الصين (الحكيم) كبديل للنبى، فقد ظهر في اوروبا الفلاسفة العظماء، من امثال ارسطو وافلاطون وسقراط وغيرهم كثيرون، ولم يظهر فى اوروبا كذلك نبى !
الثاني: لماذا لم يرد في القرآن إلا الأنبياء الذين بعثوا في الشـرق الأوسط، والتأريخ الأنتربولوجيا بدارسته لماضي البشر لا يشتمل على أيّ ذكر لأنبياء خارج تلك البقعة ؟!
الثالثة: مع عدم التوزيع المتساوي لإرسال الرسل، أين العدالة الإلهية في حصـر "الدين الحق" في منطقة معينة يحرم المولود خارجها منه؟
وعن قصد، أهملنا ما جاء في هذه الإثارة من أنّ بعض تلك الأقوام ولغاتها، لم يَرد فيها حتى مفردة "دين"؛ إذ يمكن مراجعة أي كتاب في علم الأديان لترى سطحية هذا الطرح، ابتداءً من اللغة الأكدية، والآرامية، ثمّ الهندية، والصينية، واليونانية، واللاتينية، وصولاً للغات الأوربية، كل تلك اللغات تعرف تلك الكلمة ولها عندها معنى"
في النّهاية أقول إنّ البيئةَ و العقل و الأفكار السابقة السائدة تلعب دورًا كبيرًا في تكوين مثل هذه الحالات, و إلّا لما تبيّن بوضوح أنّ ما كانت عليه شعوب الشرق الأوسط تلك كانت و ما تزال تعيش حالةً خاصّةً بها, تشعر بها من خلالها أنّها الأفضل و لكن لا أفهم لماذا يكون ذلك؟ ما هي الدّواعي لطالما الواقع ينافي القول ولا يؤيده أو يتوافق معه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق