الاثنين، 16 أكتوبر 2023

غرق قصة قصيرة

 غرق

قصة قصيرة
عدتُ إلى المنزل وقد بدت معالم الحزن واضحةً! على وجهي، حاولت إخفاء ذلك حتى لا تكتشف والدتي الأمر، إلا أنّها كانت سريعة الملاحظة ، فسألتني:
- حالتك غير مطمئنة اليوم يا فرح!
- إنّه مجرد إرهاق جراء العمل يا أمي.
حاولت أن أتملص منها، ولكنّها داهمتني بكلمة تلو الأخرى.
- لا تقولي أنّك هذه المرة أيضا تنوين تقديم استقالتك؟!
لزمت الصمت، ففهمت الأمر وصاحت عليّ :
- أنت شخص أناني لا يفكر إلا بنفسه، لقد حرمنا أنفسنا من أمور كثيرة حتى جلالتك تكملين دراستك، وسهرنا ليال لأجل راحتك، ثم بعد أن وجدتي عملا وبراتب مناسب تكافئيننا بهذه الطريقة؟! وكأن وضعنا المادي جيد.
- ولكن يا أمي، مديري يريد مني مزج مواد رديئة في مستحضرات التجميل.
- وما شأنك أنتِ، هل تريدين أن تتصفي بالنبل على حسابنا.. إنّها شركته وليست شركتك وهو من يتحمل مسؤولية الأمر.
لم يثمر حديثنا بشيء كالعادة، فدلفت إلى غرفتي وأغرقت نفسي في لحاف الفراش، وتمنيت لو أنّ الصباح لا يحل.
بقيت في مكتبي غارقة بالتفكير، وقلبي يخفق بقوة بعد أن أمسكت تلك الأدوات لأنفذ ما أُمرتُ به، شعرت بصعوبة في تحريك يديّ، وأصبحت الأفكار تتلاعب بي يمنة ويسرة، أسقطت ما بين يدي من شدة توتري، فلملمتها ثم توجهت إلى مكتب المدير وأعلمته عن قراري بعدم فعل ذلك، إلا أنّه حدثني بجديّة تامة قائلا: إن لم تفعلي ذلك ستخسرين وظيفتك وليس هذا فحسب فأنتِ بتنفيذ ذاك الأمر ستترقين في عملك، فهل ستضيعين جهد سنوات طويلة، ثم يأتِ شخص آخر ليسرق كل هذا منك بسهولة.
بعد إلحاحه المتكرر وضغط عائلتي عليّ تراجعت عن قراري، ونفذت ما طلب مني بامتعاض، فلاقت المنتجات رواجا وعلى ذلك استلمت مكافأة.
وقتئذٍ شعرت بالخزي الشديد وكأنّني لا أعرفني، خشيت أن اتجرد من إنسانيتي مع الوقت، فاستمر ذلك مع تزايد طلبات عائلتي، وليس هي فحسب، فأنا أصبحت أيضا ارتدي عباءات مستوردة من الخارج وحقائب وأحذية ذات جودة عالية.
وفي كل مرّة أبرر لنفسي أفاعيلي" فخفت صوت الضمير بداخلي, ولم أعد أشعر بذات الألم! وكأنه يتعرض للاحتضار إلى أنّ حصلت على ترقية لمنصب عال في الشركة.
حينئذ تكفلت بالجزء الأكبر من مصاريف عُرس أختي التي ارتبطت بشاب ميسور الحال، فأجرت لها صالة الاحتفال وثوب الزفاف وعندما أتى موعده، رافقتها إلى مصففة الشعر وأحضرت لها بنفسي علبة مساحيق التجميل الأصلية.
وما أن انتهينا حينها من زف العروس إلى بيت زوجها حتى عدنا جميعًا إلى منازلنا ، وقبل بزوغ الشمس رنّ هاتفي فتعجبت عندما رأيت رقم زوج أختي فأجبت مباشرة، فقال لي أنّه تم نقل أختي إلى المستشفى.
وقتئذ سألته بصوت مرتعد عن سبب ذلك فقال لي: لقد تعرض وجهها لحروق عميقة، دارت بي الدنيا حينها وأسرعت أفتح دولابي وإذا بي اخطئ بأخذ العينة التالفة التي كانت تحت التجربة بالعينة الأصلية من المكياج.
سحر مثنى
قد تكون صورة ‏‏كتاب‏ و‏يوميات‏‏
كل التفاعلات:
ارق ملاك وشخص آخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كيف أنّجو من غوصّي فيكِ

  كيف أنّجو من غوصّي فيكِ وصوتكِ يجعلني فيهِ غريق كيف أنقذ نفسي من جحيمكِ وهمسكِ يشعلّ في صدري الحريق كيف أجد السبيل الى خلاصي منكِ وكلما اه...