السبت، 31 ديسمبر 2022

عود على بدء

 عود على بدء

بقلم: ماهر اللطيف
دنت مني في غفلة من أمها و قبلتني قبلة عميقة على خدي جعلت جسدي يرتعد ارتعادا شديدا إلى أن أحسست بنار تلتهب من أعماقي و تهز كياني و تحرك كل مكوناته و أعضائه التي خرت ساجدة حامدة و شاكرة خالقها على هذه النعمة وهذه اللحظة الحميمية المشهودة.
ولم تنته عند هذا الحد، بل انها قالت بصوتها الشجي الرنان الذي يذيب كل صلب و يهدم الجبال و الهضاب يمطر السحاب:
- أحبك يا روحي حبا يعجز عن وصفه اي شاعر أو كاتب أو عالم وحكيم.... أحبك أكثر من روحي
- (بعد صمت و تلذذ لكل ما سبق ذكره و تفكير طويل) نفس الشيء بالنسبة لي و أكثر يا روحي
- (مقاطعة) بما إننا نحكي على الروح، هل تكبر الروح و تشيخ وهي في هذا الوعاء المادي و هو الجسد الذي يحملها طيلة مكوث صاحبها على وجه الأرض؟
- (مستغربا من هذا السؤال و مفكرا مليا في الجواب) يقول تعالى في سورة الإسراء الآية 85" و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم الا قليلا". نعم ، تكبر و تشيخ و تهرم شأنها شأن الجسد لأنها مشتقة منه و متطورة عنه، و الدليل حالة الخرف و فقدان التوازن النفسي عند الكبر. - (متعجبة) لكن الآية التي استشهدت بها لا تفسر شيئا البتة، بل انها زادت الإشكال إشكالا
- (بكل روية) السؤال هو عن أمر غيبي و جوابه موكول إلى أمر غيبي أيضا، لذلك يبقى الغموض قائما في هذا المجال. - (مبتسمة) اما أنا، فأرى عكسك تماما، فالروح لا تكبر و لا تشيخ لأنها شيء غير مادي لتتأثر بالزمن و تقدم السن عكس الجسد الذي هو قشرة الروح يهرم و يكبر
- (متسائلا) كيف لا تكبر؟ هل كانت روحك تشعر و تتصرف وانت طفلة؟ هل هي نفسها من الولادة إلى الآن؟
- (مستجمعة قواها) عزيزي، الروح لا تكبر و لا تصغر و لا تمرض و لا تهرم و لا تتأثر بما يمر على الجسد من عوارض، و إنما هي نفخة من نفخات الخالق سبحانه وتعالى. و أما ما ذكرت في الآية الكريمة فهو لا يدل على أن الروح تكبر وتصغر. و إنما كان سؤال من قبل اليهود للنبي الأكرم صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه أجمعين و سلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين فلم يجبهم الله عن سؤالهم و إنما أجابهم استصغارا بهم لكي يبين لهم محدودية علومهم لأنهم يعتقدون أنهم الأعلم الأفضل و الأرقي من غيرهم، فقال لهم الله سبحانه و تعالى "وما أوتيتم من العلم الا قليلا"
و بقينا كذلك كل يدلو بدلوه في هذا الموضوع ولم نهتد إلى موقف موحد غير الإقرار بأن الأمور الغيبية لا يعرف أسرارها و خفاياها الا خالقها الذي أتاح لنا الفرص للوصول إلى حيث نريد و منع عنا مثل هذه الأمور وهي الغيبيات التي تخصه دون غيره سبحانه وتعالى.
وبالتالي، فقد عدنا من حيث انطلقنا و هو ما يعبر عنه ب"عود على بدء" وفقدنا كل إمكانية للوصول إلى نتيجة، لكني حقيقة كنت مبتهجا و فرحا فرحا شديدا بعد ما لمسته لدى ابنتي العزيزة من معلومات و علوم و قدرات جعلتني اطمئن عليها و على مستقبلها بإذن الله تعالى، و هو نفس شعور أمها التي كانت تتابعنا باهتمام شديد.
قد تكون صورة ‏‏وردة‏ و‏نص‏‏
ارق ملاك
تعليقان
أعجبني
تعليق
إرسال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(لا تزال عالقة) بقلم عواطف فاضل الطائي

(لا تزال عالقة) حلقة مفرغة من الخيارت تراوغها بيقينها ان القدر سينظم لهما لقاء وكأن الحياة قد توقفت في تلك اللحظة.. لا تعرف ماذا تفعل هل حقا...