#من كتاب انسان
27.. قلب أسود
ما اجملها لحظات الصباح والنسيم يداعب الاشجار، اشعر بالبرودة تلمس وجهي يزداد بعدها نشاط جسمى وعقلى، جلست انظر الى فنجان القهوة تتصاعد من الابخرة برائحته المميزة التى تريح اعصابى، وهذه الجريدة التى تكون مطوية بجوار الفنجان كل صباح، لكنى كنت اتركها كما هى لم ألمسها منذ فترة طويلة، لا اعلم السبب الحقيقى لبعدى عنها، قد اكون لا ارغب ان تضيع اى لحظة جميلة من هذا الصباح الهادئ، او قد اكون مللت القراءة لاخبار متشابهة اليوم مثل الأمس والغد لن يتغير كثيرا عنهم، امسكت فنجانى ارتشفه فى هدوء لكن عينى مازالت متعلقة بهذه الجريدة، ما المانع ان اتصفحها سريعا لن يكون هناك اى ضرر من ذلك، لا اعلم لماذا قلبى غير مرتاح فى مكانه يدق بسرعة كأنه فى سباق، وعلى جبينى قطرات من العرق، كل هذا الخوف من مجرد جريدة، تركت فنجانى جانبا وأمسكتها اقلب صفحاتها، مرت ساعة كاملة دون أن أشعر حتى نسيت ان اكمل فنجانى، طويتها كما كانت واعادتها الى مكانها لكنى انا الذى تغيرت مما قرأته، علمت سر انقباض قلبى، كل الأخبار بالجريدة قتل لدرجة انني تخيلت أن كل كلماتها مكتوبة بالدم، ببساطة شديدة صار ان تقتل أمر سهل، اب يقتل ابنه والابن يقتل أمه والزوجة تقتل زوجها و… و…. وو… وو كم هائل من الاخبار التى تبكى القلب قبل العين، اين الرحمة والعطف واين الحب الذى وهبه الخالق للقلوب، أن تخطط وترسم وتنفذ لتزهق روح بريئة مهما كانت الأسباب، وأن تحرم من حقها فى الحياة، الاسئلة تكاد أن تفتك بعقلي، كيف ومتى بدأ القلب ينطفئ نوره ويتغير من اللون الابيض الى الاسود..؟، متى رحلت الانسانية من تلك القلوب وظلت خاوية مهجورة، مظلمة تسكنها الأرواح الشريرة، التى لا تتهاون عن رسم طريق الشر، الى اين وصلنا أصبح القتل الحل الاسهل لكل المشاكل وظروف الحياة، والاصعب اننا نسمع تلك الأخبار ولا تؤثر فينا كانها عادية نمر عليها ثم ننساها فى لحظات.
كنا زمان نبكى ان ماتت القطة التى عاشت معنا عمر، كنا نرفض أن تذبح الفراخ لأننا كنا نربيها وتعلقنا بها ، كان منظر الدم بلونه الأحمر لا نراه الا فى الافلام فقط وكنا نحزن على من يموت فيها ونحن على يقين انه مجرد تمثيل وخيال، أن رأينا حادث تطاردنا الكوابيس لأيام، اليوم كل الجرايد والمواقع وكل الوسائل لا تخلو من حوادث يتفنن فيها الشيطان، فقد تسلل لقلوب يسكن وينشر ظلامه وحكمه فيها ، قلوب نسيت وبعدت عن النور أحبت السواد وهو تمكن منها.
فعلا "" نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا "" مهما كانت الظروف والأسباب لم يكن القتل حلا لها ولم تكن الانسانية بكل معانيها ضعفا او هزيمة واستسلام، متى تعود القلوب نقية بيضاء سؤال سيظل يتردد فى عقلى كل صباح وأنا ممسك بفنجاني لكن دون جريدة بجواره إلا إذا عادت القلوب من السواد وارتدت ازهى الالوان وعلمت كل معاني الانسانية.
بقلمى… شريف القناوى
7 -9 - 2018



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق