لَيْتَ لي قلبًا خائنًا..
::
لمْ أدْرِ كم مرَّةٌ عانَيْتُ فيها من هذا الشعور المؤلم لتَوَقُّف القلب عن الانقباض والقيام بوظيفته تلك التي لا يعرِفُ سواها.. لقد اختبرتُ هذا الشعورَ مِرَارًا في الآونة الأخيرة، وأنا أصْدُقُكُم القولَ، إنَّه ليس شعورًا يحبُّ المرءُ أن يختَبِرَه.. إنَّهُ شعورٌ مقِيتٌ مؤذِنٌ بذهاب الحياة.. شعورٌ يفضحُ المرءَ ويكشفُ عنه الأحجبة والأستار التي كان يختبيءُ خلفها.. لَكَمْ حدَّثْتُ نفسي بمَبْلَغِ شجاعتها وإقدامها، وهوان الحياة عليها، وإقبالها على الموت غير هيَّابَةٍ ولا مُكْتَرِثَةٍ.. كَمْ حَدَّثْتُ نفسي أنَّها محمولةٌ بين يدَيَّ، نزيلة مُرَتَحِلَةٌ بين جنْبَيَّ، عَارِيَةٌ مُسْتَرْجَعَةٌ، لستَ بها مُسْتَمْسِكٌ، أُقَدِّمُهَا لبارئها حين يطلبها في رضًى وإقبالٍ.. حتَّى إذا انصاعَ القلبُ لما أُحَدِّثُ به نفسي، وأعلنَ هو الآخر استعداده للمشاركة فيما حدَّثْتُها به، توقَّفَ عن الانقباض معلِنًا انتهاء المسير، مُسْتَبْشِرًا بما طالما منَّيْتُ نفسي وإيَاه به.. هنا فقط يفتضحُ المرءُ ويتكشف حاله.. ولَيْسَ من بني آدَمَ إلَّا دعِيٌّ، فيُمْسِكُ من كان مثالًا للشجاعة والإقدام قلبَه الذي توقَّفَ أو يكاد، مُعَاتِبًا إيَّاه على فِعْلَتِه، مُخْبِرًا إيَّاه أنَّ في العُمُر بقيَّةً ولا بدَّ، وأنَّني وإنْ كُنْتُ مستعدًّا على الدوام لتقديم روحي في سبيل ما أُؤْمِن به إلَّا أنَّه لمْ يَحِنْ وقتي بعد، ليس قبل أن يفنى الأحياءُ وتستحيلَ الجماداتُ ترابًا، ليس قبل أن يُصبحَ في الموت أُنْسًا أكثر ممَّا أمسى للحياةِ..
::
حمِّل نسختك مجانًا بصيغة pdf من هنا:
٢Elmasry Alshaer وشخص آخر
تعليقان
أعجبني
تعليق
إرسال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق