الأحد، 14 أغسطس 2022

فصول من رواية ليلة الدخلةلكاتبها:عبدالإله ماهل من المغرب

 فصول من رواية ليلة الدخلة

لكاتبها:عبدالإله ماهل من المغرب
الفصل الأول
عاشت حياة بكامل رتابتها، منقسمة على نفسها بين عمل انغمست فيه وعن آخرها وإلى آخر النهار، ولم يبق لها إلا نهاية آخر الاسبوع، تستأنس ببعض زميلاتها مشيا على الأقدام على طول شاطئ الكورنيش، لتعود أدراجها خاوية الوفاض، صفر اليدين، ولا من رجل عبرها أو أومأ أليها ولو بمجرد اشارة تذكر.
ساعتها، تستلقي على فراشها، تحتضن وسادة خاوية، وتستسلم لحلم جميل يراودها، ولا يحيد عنها: عريس محتمل يملأ حياتها، يعفيها مغبة وحدة قاتلة؛ حتى يخيل إليها تمة فارس أحلامها، راكب على صهوة جواد أبيض، يأتيها وعلى غفلة من أمرها، طالبا راغبا فيها، وعلى شاكلة ملحمة ألف ليلة وليلة، تزف لعريسها، ويتأتى لها ومن ساعتها بلوغ مرادها...
لم تقوى على تحمل بشرى زفاف زميلة لها، لا تقل جمالا وحسبا منها، حضرت مراسيم دخلتها، إلا أنها بقدر ما فرحت لدخلتها، بقدر ما انتابتها غيرة قاتلة؛ انعكست سلبا على نفسيتها، وتولدت لديها حساسية اتجاه من يأتي، ولو عفويا على ذكر العوانس؛ وكأنها معرة تعنيها وحدها دون سواها.
الفصل الثاني
أعياها اللف والدوران، وشبح العنوسة يطاردها، ولا من يفك شيفرته ويحل رموزه؛ إلا مراجعة سيدة قارئة للفنجان، دأبت زميلة لها على زيارتها، وكان لها الفضل عليها في التعجيل بزواجها.
آثرت الطريق الأسهل وضربت موعدا مع قارئة الفنجان، فكان طالعها عين حاسدة ضاربة في القدم، اصابتها ولم تخطئها، وأقسمت ألا تحيد عنها...
لم تدري إلا والدموع تنهمر من عينيها؛ وكأن العرافة وضعت يدها على الجرح الذي يؤلمها. نظرت إليها واطالت النظر في عينيها؛ وكأنها تسبر أغوارها. طبطبت على كتفها وأشارت عليها بمراجعة عراف لا يشق له غبار؛ وكأن مهمتها انتهت عند حد الكشف عن مكمن الداء فقط؛ ليبق أمر العلاج على عاتق الآخر؛ وكأن الحكاية من ورائها تبادل للأدوار ليس إلا.
انطلت عليها الخديعة، ولم تجد بدا من الانصياع لطلبيات هذا العراف: ابخرة بالشيء الفلاني يستحيل جلبها من دون حضرته، وجلسات ما انفكت تخضع لها تباعا، بدأت من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها: طلاسم رسمت، وتراتيل تليت؛ لينتهي بها الأمر إلى الاستسلام إليه وعن آخرها.
عبث بها جملة وتفصيلا ولم تعي نفسها إلا بعد حين، ولا شيء جد في حياتها؛ لتخلص في نهاية المطاف أنها كانت مجرد دمية بين يديه، ولا حيلة لديها غير الانفلات من قبضته والانسحاب بسلام.
الفصل الثالث
رجعت إلى نفسها واطالت النظر في المرآة؛ تتفرس تقاسيم وجهها، تتفحص كل شبر في جسدها، ولا شيء يعيبها ولا يغري الرجال فيها.
احتارت في امرها ونحت جانبا؛ تستحضر ما قيل في حقها: تمة حيثية بسيطة لا يختلف اثنان عليها؛ نسيتها واضاعتها وسط زحمة المدينة، جعلتها مثل غراب البين الذي ضيع المشيتين.
تشبهت بالرجال واهملت فساتينها؛ لتجد نفسها تنأى بأنوثتها بعيدا بعيدا، تغرد خارج الركب، ولا من رجل طلب ودها وارتضاها لنفسه نصفا آخر من خلاله تهتز مشاعره، تتحرك رجوليته ويتأتى به مراده.
وكأنها وضعت الأصبع على مكمن الخلل؛ لترتد عن آخرها وتعلنها قطيعة مع الماضي.
أقلعت عن عادتها القديمة وما يمت لطبع الجنس الخشن بصلة، وما هي إلا مسألة محاولات تأرجحت بين فشل ونجاح، لم تكن بالأمر الهين عليها؛ لتجد طريقها نحو أنوثة ضائعة استردتها وبالكامل.
ساعتها، تجلت براءة العذارى على محياها، فكان الإقبال عليها ومن أقرب الناس إليها؛ وكأن غشاوة انزاحت عن الأعين، كانت تحجب عنها الرؤيا؛ لتنجلي على إشراقة صبح جميل، تم فيه ضرب موعد مع دخلة يهنأ بها سعد بمسعودة.
فهدالصحراء الجرئ وشخص آخر
٤ تعليقات
أعجبني
تعليق
إرسال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كيف أنّجو من غوصّي فيكِ

  كيف أنّجو من غوصّي فيكِ وصوتكِ يجعلني فيهِ غريق كيف أنقذ نفسي من جحيمكِ وهمسكِ يشعلّ في صدري الحريق كيف أجد السبيل الى خلاصي منكِ وكلما اه...