كم يستغرق الطرد من الذاكرة؟
كنت اكره الوحدة والكتمان. كنت أركض إليّها عندما تحدث معي أي مشكلة ، وإذا شعرت بالكبت اهاتفها لأفرغ ما يعتمل في قلبي. كنت اعتقد انه يمكن للإنسان أن يرى انعكاس ظله في غير المرآه ، ويرى نفسه في شخص آخر .
لم اكن ادقق ولا انتبه لفكرة انها كانت لا تسأل دون أن أذهب إليها ، ولا تتصل دون أن اتصل انا بها ، فأحيانا نعتبر من يهتم بنا ويتعلق بنا مسلما به ووجوده أمر واقع فلماذا نقلق بشأنه؟
مرت فترة ولم التقي بها ، شعرت بالألم مرارا ولكن لم أذهب إليها ، لم اعد اتالم من غيابها ، ولم اعد حتى انتبه له ، ومرآة ذاكرتي اتشحت بخطوط رمادية حجبت كل الانعكاسات والظلال.
عرفتَ يوما بأنني مريضة جدا ، ولكن لم اطلب منها شيئا ولم اهاتفها ولم أخبرها حتى بما أمر. استمر مرضي لفترة ليست بالقليلة ولكنها لم تعرف شيئا ، ولم أشعر برغبة في ان أخبرها بما حدث وكيف كان الأمر ثقيلا عليّ ، ولكني فقدت رغبتي في الحديث أو الشكوى ولا حتى بمعرفة تقيمها لما يحدث.
ولكن يبقى السؤال الذي يطرق أبواب ذاكرتي : لماذا لم تنتبه هي إلى غيابي؟ لماذا لم تكن أصلا تسال عندما يطول الغياب؟ لماذا عليَّ انا ان ابدا اولا بالسؤال أو بالعتاب أو بالاهتمام مهما كان نوعه؟
مر الكثير من الوقت بلا اي شعور يذكر . لم اعد أجد الأعذار لاهاتفها واسمع صوتها. بل لم اعد احن إلى نبرتها ، فعندما تترك مكانك في قلب أحدهم بمحض إرادتك سيحتله الفراغ المظلم ويملؤه أي شيء. . لم اعد انتهز الفرص للقاء أو الحديث.
نحن البشر كنبتة تتجه نحو النور في اي كوة كان ونمد اغصاننا نحو الدفء مهما كان مصدره ، فإذا فقدنا هذا الدفء في اي علاقة تراجعت اغصاننا إلى مكان آخر او ماتت بلا نور. لا يمكن لأي علاقة ان تنمو دون اهتمام ، أو احترام يحفظها ويحميها.
ولكن كم يستغرق إخراج احدهم من الذاكرة؟! انه لا يستغرق أكثر من المدة التي تمر بلا سؤال ، والازمة التي تنتهي دون إسناد ، والموقف الذي يتنهي بالخذلان ، إنها لا تتجاوز الفترة التي تمد النبتة جذورها في إصيص جديد ونافذة تصلها الشمس.
هي فقدت حقها في قلبي منذ اللحظة التي انتظرت اسنادها ولم اجده ، منذ اللحظة التي أحتجتها حقاً
فلم أجدها. قد اختفت منذ الليلة التي وقعت بها ولم أرى يدها .
•️ هي تصرفت على طبيعتها التي لم أعرفها مبكرا ..
وأنا اشتعلت ندماً وحسرة ... فقد أصابتني لعنة الندم على الماضي الارعن ، اما هي فقد سُحِبت ألوانها الباهتة من لوحة أيامي كلوحة زيتية بللها مطر مفاجئ.
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق