الرّسالة الثانية عشرة إلى ميلينا
ميلينا
مَنْ قال أنّكِ امرأة
كباقي النّساءْ
أحمقٌ ، ساذجٌ
لم يدرس يا ميلينا
تاريخ الأنوثةِ و حروبها الشَّعْوَاءْ
طروادة ، البسوس
فتح العَمُورية ، داحس و الغبراء
أحمق من ينسى
كيف أخرجتْ من الجنّة
آدمَ حوّاءْ
ميلينا
من قال أنّك امرأة
كباقي النّساءْ
لم يدرس جغرافيا تضاريسكِ
سهولَكِ ، هضابَكِ
و لا احتسى من ينابيعكِ
شربة ماءْ
ما شهد ليلكِ المسدول
على قمرين يتوهّجان ضياءْ
طقسكِ الماطر
ما أرقّ رذاذه
يجعل مخيّلتي واحة خضراءْ
يحملني على السّفر
بين شِعابِكِ
و يُغرق فجأة أناملي
عند خطّ الإستواءْ
ميلينا
مَن قال أنّكِ امرأة
كباقي النّساءْ
لم يدرس الرّياضياتْ
و لا كيف تُحلّ في الحبّ
أصعب المعادلاتْ
لم يرسم هندسة جسدكِ
بأبسط التّفاصيل
و أكثر التّعقيداتْ
لم يشهد طرحه و ضربه
و مخالفتِه كلّ الحساباتْ
ما أجمل حبّكِ و أعظمهُ
حين يتجاوز بقلبي
كلّ الإحتمالاتْ
كلّ النّهاياتْ
ميلينا
مَن قال أنّكِ امرأة
كباقي النّساءْ
ما درس أبدا علم الأحياءْ
لم يقرأ عن هرمونات الأنوثة
و دور الأستروجين
في متعة البناءْ
لم يلحظ نقاء جيناتكِ
ولا نبل الدّماءْ
لم يكتشف صلة القرابة
بين سحر عينيكِ
و مزيج العسل المصفّى بالكستناءْ
ميلينا
من قال أنّكِ امرأة
كباقي النّساءْ
لم يفقه قوانين الفيزياءْ
لم يفهم أنّ الأنوثة
مركز الجاذبيّة
و أنّكِ متطرّفة الجمال
لا تعترفين بالنّسبيّة
فكيف حين تتجمّلين
حين تتعطّرين
تصبحين قنبلة نوويّه
و كلّما تخيّلت حسنكِ
تناثر قلبي ألف شظيّة
ميلينا
من قال أنّكِ امرأة
كباقي النّساءْ
لم يدرس الأدب
و لا القصائد العصماءْ
لم يقرأ عن هند و بثينة
ليلى و الخنساءْ
لم يشهد احتراق الحرف
في سعادة على الشّفاه الملساءْ
لم يفقه شيئا من كان و أخواتها
أدوات الوصل و حروف النّداءْ
لم يدركْ بعدُ أنّ اللغة أنثى
و الورقة أنثى
أنّ الشّمس أنثى
و حتّى أنامل الشّعراءْ
من قال ذلك أحمق ، ساذج
لا صلة له بحروف الهجاء
ميلينا
حين يطوي اللّيل
صفحة يوم آخر
من كتاب أشواقي و أحزاني
حين أجلس كراهب
على مكتبي
تطوّقني ، دفاتري و أقلامي
أوقد شمعتين
و أعتصر قطرتين من فنجاني
فينزل الحبّ ضيفي
مصحوبا بلهفتي و حرماني
ليحقنوا بالصّبر روحي المنهكة
كي أستطيع أن أكتب إليكِ
رسالة أوضح فيها
أنّكِ لست كباقي النّساءْ
أنّكِ امرأة متفرّدة
أنثى متمرّدة
وردة حمراءْ
و أنّي في عشقكِ
صرتُ أستاذ موسيقى
و خبيرا بالأحياءْ
صرتُ عالما
و ألحقوني بقائمة الشّعراءْ
بقلمي حسن المستيري
تونس الخضراء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق