الأحد، 29 مايو 2022

"المستنقع"

 "المستنقع"

قصة جديدة
بقلم :
تيسيرالمغاصبه
-------------------------------------------
-٤-
،،الستار،،
بالرغم من كل مايقدمه كمال من رشوات لمعدة رئيس عمله لتجنب أذاه ،فأنه لم يسلم من كثير من العقوبات الموجهة إليه ابتداء من لفت النظر والتنبيه،إلى الإنذار والحسم،
كان بسبب الحرج يرسل له العقوبات مع ابو علي أو يتركها له عند دفتر تواقيع الحضور والمغادرة ،وعندما كان يزوره في حراسته كان يعتذر له ويخبره بأنه لم يرفع بعضها إلى الوزارة وهو يحفظها في درج مكتبه، بينما كمال كان يعلم بأنه يكذب ،لأنه كان يستلم رد الوزارة وتنفيذ العقوبات في حقه دائما ،
كانت تلك الليلة شديدة الظلمة وبينما كان كمال يجلس وحده في غرفة الحراسة ،كان يشعر بالحزن الشديد خصوصا بعد غياب عادل عدة أيام لم يراه فيها أبدا ،وفي تلك الفترة أيضا بلغ من قبل البورصة بخسارته لكل ماإدخره من مال في عمله السابق ، كل ذلك قد خسره في البورصه ،
وقد أصبح مضطرا للبقاء في تلك الوظيفة وتحمل كل متاعبها على أمل أن تتصل به الشركة السابقة لتطلب منه العودة،أو أن يستقيل ومن ثم يبحث عن عمل ،
تناقضت أيضا مشاعره كثيرا تجاه عادل ،فهو لايعلم لماذا هو يفتقده ويشتاق إليه بالرغم من فارق السن بينهما ،هل هو يحبه..وما نوع هذا الحب ..وهل يمكن أن يكون صداقة بينهما ..ولماذا تكون تلك الصداقة التي عقدت بسرعة،وما هو هدف عادل من تلك الصداقة،
إستمر الظلام في بعض الأماكن في تلك المدينة بعد إنفصال التيار الكهربائي بسبب حرارة الجو،
ولهذا لم يكن أي أحد بداخل أسوار المدرسة وملاعبها ،خرج كمال ليجلس على مدخل غرفته.. رأى شبحا يقترب منه.. إنشرح صدره ..فقد إعتقد بأنه عادل ..وصل إليه ..تحدث بصوت رقيق متردد هو أقرب إلى صوت الفتاة :
-أ..أنا..أأستطيع التحدث إليك في الداخل؟
-وما الشيء الذي يمنعك من التحدث هنا.
هنا كاد الفتى أن يبكي فقال كمال :
-حسنا ..حسنا تفضل..تفضل.
دخل كمال إلى الغرفة ووراءه الفتى ..إستدار كمال ليرى أمامه ملاكا..لقد كان فتى جميل الصورة، جماله لايوصف أبدا ..كان مرتديا السروال القصير وتيشرت لعبة كرة السلة الذي يكشف ذراعيه وصدره ، فصمت كمال وكان في حيرة من أمره، كان كمال مندهشا من خروج فتى بهذا الجمال وحده وفي ظروف كهذه، وفي ثياب لا تستر جسده، وإلى مدرسة بتلك السمعة،
كان في الثالثة عشرة من عمره ،وكان الفتى ينظر في عينيه ربما كان يحاول التأثير عليه ..لكن كمال لم يرى أي خبث أو دهاء في نظراته وتقاسيم وجهه الشديد البراءة،بل بدا له طفولي أكثر من اللازم،
بقي الفتى صامتا حتى أنه لم يجلس على المقعد كما طلب منه وقال له وهو متمنيا أن لايطيل وقوفه هنا :
-تفضل ياعزيزي..بماذا أستطيع أن أخدمك؟
-أ..أنا ..أرغب في البقاء معك؟
-لكن هذا لايجوز....و...
صمت كمال ولم يتابع عندما رأى إزدياد إحمرار وجنتيه من الخيبة وأنه قد أوشك على البكاء من جديد ،لكن كمال قال له بعطف :
-أرجوك إهدأ ..هل أنت على مايرام.
-أنا...أ..أحبك ؟
تمتم كمال "ياإلهي"ثم قال :
-أشكرك ياعزيزي .
-أ....أنا ..أنا جميل ..أليس كذلك؟
-بكل تأكيد..أنت فتى جميل حقا ..كذلك مؤدب جدا مقارنة بالآخرين هنا .
إبتسم الفتى بخجل من ذاك الخجل الذي يشعر به الطفل أو الفتاة عند المديح بينما كان يقترب من كمال أكثر ،وكان في كل حين يهز رأسه ليبعد خصلة الشعر المنسدلة كستارة من حرير على عينه اليمنى، لكنها سرعان ماتعود كما وأنها تحاول حماية عينيه الواسعتين من الحسد،
وأن وجود ذلك الفتى معه ووجوده في ذلك الموقف جعله يتوسل إلى الله في نفسه "ياألله ..هل من مخرج"
وأن ذلك الموقف قد ذكره بأول لقاء له بعادل ،لكن أن الإختلاف كان كبيرا جدا بينه وبين عادل ،لقد كان عادل يحمل الكثير من الخبث والدهاء وقوة الشخصية ،بينما هذا الفتى كان يغلب عليه مزيج من الطفولة والإنوثة معا،
قال كمال بعد أن تأمل تقاسيمه وجماله الأقرب إلى الجمال الأوروبي :
-من أين أنت ..وما أسمك ياعزيزي؟
-أسمي أنا .
-نعم ،اسمك ماهو؟
-باتريك.
صدقت ظنونه ،كان جمال باتريك مزيج من الجمال العربي والأوروبي ،فقال كمال مستوضحا:
-من أين؟
-أنا الأن من تلك المدينة، لكني غير سعيد هنا بعد أن كنت في مدرسة داخلية قبلا .
-لماذا؟
-لم أستطيع الانسجام مع سكان تلك المدينة ..كذلك لا أصدقاء لي .
علم كمال أن أم باتريك أميركية وابيه عربي من بلده هو ،وقال أنه لايحبهم ولا يحب تلك البلد أيضا وهو يتمنى العودة إلى أمريكا،قال كمال :
-لماذا لاتحبهم؟
-أ...لاأعلم....
-أتريد ماء ؟
-لا...أ..أنت قلت أني جميل أليس كذلك؟
-بالطبع ،أنت جميل ..وجميل جدا ..ألم تنظر في المرآة ..ألا تثق بنفسك.
-بلا أنا أعلم بأني جميل؟
-هذا جيد .
-أذا ...لماذا لاتضمني وتقبلتي؟
تصبب عرق كمال عند سماعه ذلك الكلام ..في تلك اللحظة فصل التيار الكهربائي عن الغرفة، هنا قام باتريك بأحتضان كمال ..شعر كمال كما وأنه يحتضن فتاة لافتى ..أمسك بذراعيه محاولا إبعاده عنه ..لكن باتريك تشبث به .. عاد التيار الكهربائي من جديد ، عاد بعد ثوان معدودة ذلك التيار الذي يخدم الشيطان ،لكن في تلك اللحظة أيضا و فيما لو مر بهما أحد فجأة ورأى الفتى بين أحضانه لظن سوء بكمال،
إستطاع كمال إقناع الفتى بالذهاب عندما أخبره بأن رئيس العمل سيمر به الأن، وليؤجلا الحديث في هذا الأمر فيما بعد، فغادر بعد جهد جهيد ،
بعد مغادرة باتريك بدقائق حضر عادل فلم يشعر كمال بالارتياح لنظراته هذه المرة والتي كانت تحمل ألف معنى ومعنى ..فقال كمال في نفسه "ياترى هل رأى شيئا"
* * * * * * * * * * *
في تلك الليلة ذاتها ..الليلة المظلمة ،الحالكة السواد، كان كمال يتفقد ساحات المدرسة وحدائقها وبيده عصا ضخمة،وبينما هو يتجول بين أشجار الصنوبر ،سمع بعض الوشوشات والتأوهات
القريبة منه ..إقترب قليلا من مصدر الصوت ليجد نفسه أمام مشهد لم يتوقعه حتى تلك اللحظة، لقد كانت فتاة بين أحضان شاب ،كانا يفترشان الأرض جاعلين من الورق المقوى سريرا لهما، وكانا عراة ..تماما كالقطط في شباط،إحتار كمال في أمره ماذا يفعل وكيف يتصرف فأن عادل لم يخبره كيف يتصرف عند موقف كهذا تحديدا ،وكيف سيتصرف مع هؤلاء،خصوصا أن كمال لايمتلك التلقائية وحسن التصرف ،كذلك لايمتلك الذكاء الكافي ليمكنه من التصرف بحكمة عند أي موقف ،لأن تلك المواصفات هي هبات من الخالق ،
قال الشاب بغضب كما وأن كمال مقتحما عليه مخدع الزوجية :
-إذهب من هنا ياإبن ال.......؟
إستفز كمال بتلك العبارة ورد كمال:
-وهل تعتقد بأني عينت هنا مضيفا للفجار أمثالكم.
أجاب الشاب بوقاحة أكثر وهو ينهض ويخرج الموس يريد أن يطعنه به:
-ماذا قلت أيها الجربوع المتطفل ؟
وما كان من كمال إلا أن رفع العصا وهوى بها على رأسه، فسقط الشاب على الأرض يرفس بساقيه وترتغش يديه كما وأنه يسلم الروح ،صرخت الفتاة :
-ماذا فعلت ياإبن ال........؟
شعر كمال بالقلق الشديد والارتباك معا، فما كان منه إلا أن أخرج هاتفه واتصل بالشرطة،
عندما سمع الرد قال بسرعة:
-ألو ..الشرطة،أنا حارس مدرسة "م" وأنا في الساحة الخلفية ،رأيت فتاة وشاب في وضع غير لائق فقمت بضرب الشاب على رأسه وقد مات؟
-ماذا قلت .
-ربما..يكون قد مات؟
خلال لحظات كانت الشرطة في المكان ،بادرتهم الفتاة وهي لاتزال منهارة دون أن تترك مجالا لكمال ليتحدث:
-لقد غرر بي هذا الحقير وقد أحضرني إلى هنا تحت تهديد السلاح وثم أغتصبني بعدها قتل الشاب الذي أراد إنقاذي؟
قال كمال:
-أنها تكذب ،بأمكانكم أن تفحصوني إن كنت فعلت شيئا من هذا؟
قال رجل الشرطة وهو يقوم بتقيده بالحديد:
-إصمت، هناك سنعرف كل شيء.
(يتبع....)
تيسيرالمغاصبه
٢٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكوى الطبيعة

  شكوى الطبيعة همست ْ بأذن ِالليل ِ أغصان ُالشجر ْ تشكو حنين َ الروض ِ شوقَـَه ُ للقمر ْ والورد بثَّ غرامه ُ متــلهـِّـفا للنور ِ يغمر ُه ُ ...