الجمعة، 30 أبريل 2021

قصة قصيرة بقلم : مرشد سعيد الأحمد مجتمعات غريبة

 قصة قصيرة

بقلم: مرشد سعيد الأحمد
مجتمعات غريبة
لقد عاش خلف في قرية تل المگاصيص طفولة لا تخلو
من القسوة والتعب بسبب العمل الذي يقوم به مع والده في زراعة وجني محصولي القطن والقمح وبعض الخضروات في العطلة الصيفية وخارج اوقات الدوام المدرسي وهذا العمل اثر في تكوين شخصيته بسبب الاختلاط المباشر مع الجنس الاخر من الصبايا والنسوان في القرية فأصبح يمتلك الجرأة الكافية للتواصل مع اي
بنت او امرأة تعجبه وتكوين علاقة حب وعشق معها
بعد انتقال اهله الى المدينة نتيجة جفاف نهر الجغثم
عمل في بيع المرطبات في سينما العشاق في تل المكاصيص فأثرت ايضاً في تكوين شخصيته اكثر واكثر وتعلم الكثير من عبارات الغزل والحب من الافلام العاطفية التي تعرض في السينما اضافة الى تغمصه بعض الشخصيات المشهورة في تلك الفترة مثل الممثل فريد شوقي ورشدي اباضة وغيرهم.
بعد التحاقه بالجامعة كوّن علاقات واسعة مع زميلاته
في الكلية من خلال حديثه العاطفي و وسامته واناقة لباسه و النكات العاطفية التي يحفظها ويكررها في جلساته وسهراته مع اصدقائه وصديقاته .
لكن هذا السلوك سرعان ما تغيّر بعد تخرجه من الجامعة وتعيينه مدرساً لمادة الرياضيات .
وبدأ يتعامل مع الناس بالمعاملة بالمثل اي ما يرضاه على نفسه يرضاه على غيره فتحول الى انسان سويّ محب للخير والتعاون و جدي في عمله صادق في تعامله مع اصدقائه .
تزوج ابنة مسؤول كبير في بلده واستطاع بهذا السلوك كسب ثقتها وحبها الصادق له فكانت حياتهم كلها سعادة ومحبة وألفة وثقة متبادلة فيصارحها بكل تصرف يقوم به وخاصة مع الجنس الاخر سواء بالحديث او في العمل .
في بداية هذا القرن تعرف على صديق اسمه ابو هوزان
هذا الرجل ثري ويعمل متعهد في القطاع العام وكل تعامله مع لجان المناقصات ولجان المشتريات
وقد كسب خبرة جيدة في كسب ود هذه اللجان والتعامل معها بحسب طموحات كل واحد فيها فمنهم من يحب المال والاخر يحب الهدايا والاخر يحب النسوان والسهر في النوادي الليلية .
وقد شاءت الاقدار ان يتواجد الاستاذ خلف مع عائلته لقضاء عطلة العيد عند بيت عمه مع ابو هوزان برفقة رئيس احدى هذه اللجان اسمه علاوي الذي يحب السهر والنسوان فدعا خلف لقضاء السهرة معهم في مقصف" الغجرية العاشقة "
فقبلها خلف بعد ان استأذن زوجته سراب
عند باب المقصف وقف ابو هوزان مع علاوي ومعهم خلف قليلاً وإلا سيارة خاصة تقف وتنزل منها امرأة محجبة اسمها هياتم
وبعد ان غادرت السيارة رفعت الحجاب وخلعت الجلباب والا ملكة من ملكات الجمال .
لكنها تفاجأت بشخصية خلف وظنته ضابط امني فارتعبت منه ولم تستطيع ان تتمالك نفسها من الخوف
جلس الجميع في حالة صمت دون اي كلام
فقام ابو هوزان من مكانه لمسافة قريبة واتصل مع خلف وطلب منه تغيير سلوك خوفاً من مغادرة هياتم الطاولة
و بعد ان عرّفها على الاستاذ خلف وبأنه مدرس رياضيات معروف في تل المگاصيص هدأت نفسيتها وخاصة بعد ان ذكر لهم خلف بعض النكات العاطفية والجنسية
وبدأ الحديث والضحك واستعاد خلف ذكريات الماضي وكلماته المعسولة التي كان يتلاعب بها بعواطف زميلاته بالكلية فأحبته هياتم واهتمت به واهملت البقية
بدأ برنامج الحفلة برقصة تسمى ( سلووووو)
حيث يتشابك كل رجل مع امرأة ويمارسون الرقص على انغام موسيقى هادئة مع تبادل القبلات والحركات
البعيدة عن الاخلاق والحياء.
رفض الاستاذ خلف دعوة هياتم للرقص بسبب غضبه من هذه المناظر الذي لم يعتاد عليها في حياته
وقال في حسرة وحزن بالعامية: ( مو حرام انت وهالبنات و هالنساء الجميلات تمارسن هذه الاعمال المشينة)
فردت عليه هياتم والدموع تذرف من عينيها وتختلط مع الكحل والماكياج قائلة: احياناً يا استاذ خلف يكون الجمال نقمة على المرأة ومدمر لحياتها
انا و هؤلاء النسوة ضحايا بيد اشخاص فاقدي الضمير والاخلاق اغلبهم حرامية وفي مواقع مسؤولية استغلونا عاطفياً ومادياً بالهدايا والكلام المعسول
وعندما فقدوا مواقعهم وامتيازاتهم و وصلوا لمرحلة الافلاس
اجبرونا على هذا العمل الرخيص فيقوم كل واحد منهم بأحضار زوجته او ابنته الى هذا المكان اللعين ويسلمها لصاحبها ويغادر الى الخمارة .
وخير مثال على هؤلاء زوجي النذل و صاحب المشاكل وخريج السجون المجرد من الاخلاق والضمير فهو لا يتردد يومياً في محاولة ارسال ابنتنا الوحيدة الى هذا المكان
فرد عليه علاوي قائلاً : حلوة وجميلة مثلك
فردت عليه بأستخفاف قائلة: الجمال الطبيعي يا علاوي لا يكتمل بدون التربية الصالحة والعلم والادب والسمعة الطيبة.
انتهت
بقلم: مرشد سعيد الاحمد
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏
دنيا سعد
تعليقان
أعجبني
تعليق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كيف أنّجو من غوصّي فيكِ

  كيف أنّجو من غوصّي فيكِ وصوتكِ يجعلني فيهِ غريق كيف أنقذ نفسي من جحيمكِ وهمسكِ يشعلّ في صدري الحريق كيف أجد السبيل الى خلاصي منكِ وكلما اه...