شكوى الطبيعة
همست ْ بأذن ِالليل ِ أغصان ُالشجر ْ
تشكو حنين َ الروض ِ شوقَـَه ُ للقمر ْ
والورد بثَّ غرامه ُ متــلهـِّـفا
للنور ِ يغمر ُه ُ بألوان ِ الســـــحر ْ
يغفو على حُـلــُـم ٍ تهدهده ُ الصــور ْ
سجدت ْ زهور ُ الحقل ِ ضارعة ً له
ترنو إلى الأفق ِ المكحـِّل ِ بالدرر ْ
تشدو صلاة َ الحب ِّ هائمة ً بهِ
بعروس ِليل العاشقين المُنِتَظَرْ
وصحا من النوم ِ الهنيء ِ أميرنا
بعد اغتساله ِ في بحور ٍ من عطر ْ
وأطل َّ من خلف ِالذ ُّرى متسـنِّما ً
خد َّ السـَّما متمهـِّلا ً ساه ِ النَّظرْ
غمر َ الوجود َ بســحره ِ وبهائه ِ
فصحا الغديرُ وطابَ للشَّجرِ السَّمرْ
سـبحت ْ ببحر ِ ضيائه ِ أغصانها
والعشْبُ هلَّلَ والعرائشُ والزَّهرْ
كل ُّ الطبيعة ِ قد أفاقت ْ تحتسي
من خمرة ِ النـُّور ِ المُذابِ المعتَصرْ
*****
قرب الغدير ِ جلست ُ متـَّكئا ً على
قيثارتي متأمـِّلا ً ســـيل َ الِفـــكر ْ
أرنو إلى الأعشاب ِ تضحك ُ حرَّة ً
قد أسكرتها نشوةُ الليل ِ النــضر ْ
فسألتها متحيرا ً عن ســرِّها
فشكت ْ جحودَ الناسِ طغيانَ القدَرْ
قالت ْ وقد ملأ َالأسـى أحشاءَها
ذقت ُ المرارة َ في النهار ِ مع الكدر ْ
ظلم ُ ابن ِ آدم َ قد سبى حريَّتي
فغدوت ُ قوتا ً للمواشي والبقــر ْ
أقدامه ُ الهوجاء ُ داست ْ هامتي
سـلبت ْجمالي فالتجأت ُ إلى القمرْ
أتوسـَّم ُ الخير َ العميم َ بنوره ِ
فبصحبة ِ الأنوار ِ يحلو لي السهر ْ
وسألت ُ زهر َ الرَّوض عن أشجانِهِ
فشكا من الإنسانِ ِ ظلمَهُ والضَّرَرْ
فيداه ُ تعبث ُ بالزهور ِ كأنـــها
بعض ُ المتاع ِ زهيدة ٌ مثل َ الحجر ْ
لو كان يدري أنني مثل َ الورى
أشكو المرارة َ والكآبةَ والضَّجرْ
ما كان حلـَّــل َقطف َ أزهاري التي
ملأت ْرحاب َ الأرض ِ طيباً فانتشَرْ
أما الغدير ُ فقال َ لي متأوِّهاً
في الليل ِ أسرح ُ رائقا ً مثل َ العبر ْ
أما النهار ُ ففيه ِ كل ُّ شقاوتي
قد دنـَّس َ الإنسان ُ مائي َ فاعتكر ْ
فذ ُهلت ُمن أمر ِالطبيعة ِكم شكت ْ
جور َابن ِآدم َ واضطهادات ِالبشر ْ
وشعرت ُبالعطف ِالحميم ِيشد ُّني
نحو الزهور ِ ونحو أفنانِ ِالشجر ْ
فطفقت ُ أعزف ُ للرياض ِمردِّداً
لحن َالخلود ِ وشجْوَ أنغامِ الوتَرْ
حكمت نايف خولي