المسافة صفر .... بعيون تاريخنا
صرخة من مسافة بعيدة جدا قربت الأمة بأطيافها من الهدف المنشود وأماطت اللثام عن حقيقة وحش لطالما حشد خلفه العملاء متسلحا بوسائل الإعلام وذلك بهدف صناعة مشهد جيش لا يقهر ولا ترد خطواته ولا تؤمن عواقب إثارة غضبه بعدم الجثوم والخضوع لنزواته.
فكم من فئة قليلة صغيرة منغمسة حتى القاع في الثوابت والآيات كسرت كبرياء غول وهمي نسج مكانته بفعل خيانة أهل الدار وخنوع نبت من مصادرة النخوة والنفير يوم أكل الثور الأبيض. فأضحى القريب بعيدا وتحول الحق لغريب ينعت بالبيان بعدما امتهنت الأمة إقتباس روايات الإستسلام في ثوب القدر المحتوم متخذة من مناهج التولي يوم الزحف حكمة وحسن تدبير.
فبين الأهداف والرامي مسافة تكاد تكون معدومة يحدث ذلك عندما توشح الأخير رداء الأصالة والنخوة والشرف مستحضرا أيام المارين على سجادات النصر أولئك الذين تبرعوا بالدنيا وما حملت بين طياتها من لذات وشهوات.
فإذا نادى المرء على المبادئ الخالصة هرولت منيرة من مخازن الأصالة مذكرة بعلو كعب أهل الكرم وموطن الشهامة. إذ في عز الوحدة والظلمات لم يعد بين الرامي والهدف سوى خطوات بسيطة تعبر بين الآيات وتتلذذ بفخر بالأسانيد والأحاديث الشريفة على آثار الفاتحين الأشاوس وهم يؤثرون الأرض على زينة وبريق الدنيا على أمل تكبير يطرق أطراف البسيطة ويعلو على قصور الجبارين والطغاة مرسلا إياهم لموطن نفايات الزمان ومعليا كلمة الحق أن الأرض لأهلها وأن الحق لا يتعدد أبدا بل وسيشرق بك أو بغيرك ولكن الفاصل هو فقط حروف التاريخ.
فإذا تشبع العابر بالثوابت وخضع لتعاليم الرحمن مصوبا السهام نصرة للحق فإن المسافة برغم الطغاة ستصغر لتنعدم بعبق الشهادة الذي ينبت بشذاه الخالد على أرض النصر الشافي والكافي ومعالجة عقود وعقود من الجراح والألم والتولي.
فالمسافة صفر زاوية أشرقت على أيامنا التي ذهبت بنورها المعاصي وغارت بسببها نسمات الحضارة فبخطوات بسيطة بأرجل حافية دوى وقعها على الأفئدة موقضا الجوارح بحنين العصور الذهبية وطلائع الفتوحات وتكبير المنتصرين على إيقاع الياسمين وياسين وشواظ و أنفة كرامة أشرقت لتبهر بطوفانها مغول الزمان وفراعنة العصر وتقض مضاجع المتخاذلين.
محمد بن سنوسي
من سيدي بلعباس
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق