الاثنين، 24 يوليو 2023

قبس من نور تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن

 بسم الله الرحمن الرحيم

قبس من نور
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً..."
"عمر الدول...شبيه بعمر الإنسان"
لفت نظري تسلسل أطوار الأعمار في حياة الإنسان بداية ونهاية وكذلك المجتمعات ككل بما يعبر عن ببنية الدولة، فكل طور يبدأ يتدرج على سلم الحياة جنينا يساعده الآخرين للوقوف على قدميه والحفاظ على توازنه في الحياة وكذلك الدول تبنى وتنشأ برعاية وحماية دول أخرى حتى تأخذ مكانها بين الدول سواء أكانت صنيعة احتلال أرض الغير أو دولة قائمة على أرضها أصلا وطنية
إذن البداية في كل شيء الضعف والاتكاء على الآخرين ثم التصاعد مع الوقت إلى مرتبة القوة وقد تكون قوة مفرطة ومسرفة إلى حد الظلم والاعتداء ثم بعد وصول القمة لم يبق شيئا بعدها يذكر فقد وصل للحد المسموح به ، --- فتجد مثلا البنوك تعطي تسهيلات لسقف محدود لا يسمح بعده العطاء لأن قدرات السداد للمواطن لا تحتمل أكثر من ذلك--- وعلى هذا يبدأ العد التنازلي لأن العد التصاعدي وصل منتهه،
وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم في أحسن بيان بنسبة للإنسان وقس عليه حياة الدول
"...وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا..."آية 70 النحل، وعلى هذا تكون بعض الدول قد استنفذت كامل الطاقة المقررة له فبدأ التراجع والترهل سيد الموقف ظاهر للعيان وملء السمع الإنسان فالطاقة التشغيلية انتهت إلى غير رجعه لعدم سلامة الروافد المشغلة للجسم أو للدولة فبدأ الوهن يدب في مفاصل وأركان الإنسان وما بناه ولم يعد على قدرت متابعته شؤونه فتنهار الدول على هذا المنوال وهو أرذل العمر وأضعفه ومرحلة من مراحل النسيان وفقدان السيطرة وتساقط البنيان ثم الانهيار التام، على الرغم من وجود الهيكل الخارجي تحسبه مهاب وهو صورة مفرغة من محتواها كحارس البستان لفيف من قطع القماش في مهب الرياح،
فكل طريق له بداية ونهاية حتمية فقد تناقلت وسائل الأعلام العالمية البلبلة التي تعصف بدولة الاحتلال الصهيوني والمظاهرات القائمة من أشهر على التعديلات القضائية والصراع المحتم بين الأحزاب اليمنية الليكود وغيره الذي يرغب بالانفراد بالحكم... طبعا هذا يذكرنا بالآية الكريمة أعلاه فالدولة المحتلة بدأت تضعف ربيبة دول بعينها تمدها بالمقومات والفيتامينات المقويات حتى أصبحت القوة النووية الضاربة في المشرق العربي وفي فلسطين بالذات،
المهم الصراع على السلطة ظهر من خلاله التذمر ودب الخلاف في عصب حياة الدولة المحتلة أي في جيشها بالذات فبدأ التهرب من الخدمة والتملص وعدم الالتحاق بصفوف حماية الدولة فقدر عدد الممتنعين بحوالي عشرة آلاف من التطوعين العسكريين والطيارين خمسمائة وخمسة عشر ومائة وعشرة من ضباط الوحدات العسكرية ومن كافة الرتب من المتقاعدين فهذه الحركة خلخلت النظام العسكري كله وأوجدت ارتباك بين كافة الضباط والقيادات العسكرية في كل المواقع هذا كله ينبئ من قريب أو من بعيد بداية العد التنازلي بعد التسارع في الصعود للقمة هذا هو العلو قد بلغ حده المحدود كما ورد في سورة الإسراء آية 4" وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا"
أن عدم قراءة السوابق التاريخية ونهاية الأمم فالظلم لا يدوم على طول له وقت محدود يأتي على حين غرة وترتيب رباني محكم بقدرة من يتصرف بالكون والخلق والقدر متى يكون ذلك في علم الله ولكن الإرهاصات بدأت تنذر بالظهور ...قال الله تعالى" فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا "آية 5 الإسراء
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات/ الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كيف أنّجو من غوصّي فيكِ

  كيف أنّجو من غوصّي فيكِ وصوتكِ يجعلني فيهِ غريق كيف أنقذ نفسي من جحيمكِ وهمسكِ يشعلّ في صدري الحريق كيف أجد السبيل الى خلاصي منكِ وكلما اه...