نابلس ونستالجيا الروائح والحنين .
بعد أسابيع من العمل المضني من مراقبة وتصحيح وغيرها من مهامي كاستاذة جامعية، كالعادة أزور الخان القديم والبلدة القديمة لأغسل بقايا التعب بعيدا عن سكني حيث العمارات التي حلت مكان بيوت نابلس القديمة . لم اكن اعلم ان حب الأماكن يرتبط بمن احببناها من خلالهم ...فقد احببتها من خلاله حتى قبل أن اطأ ثراها... احببتها في حديثه وفي التماعة فرحه عند استحضاره لذكرياته فيها. ولكن عند رحيله اصبحت الأمكنة بنكهة الحزن الذي يتوطن قلبي. وصلت حارة الياسمينة وشردتُ في اقواسها العتيقة ومباشرة رنّ صوت ابي عن الذكريات وعن أم كلثوم وقت العصر عندما يعانق الأذن ويمتزج برائحة الياسمين ... استحضار لون عينية المترع بالعسل وصوت تنهيدته الطويلة على فراق البلاد... سافرت مخيلتي وقداميّ تمشيان حتى خان التجار... كل ما حولي يذكرني به ... تتسلل دمعة باردة بين الحين والآخر نحو وجنتاي فامسحها قبل أن يلمحها أحد المارة... من عند هذا العطّار كنت اشتري ( تحويجة) الزعتر كي اصنع لأبي زعتراً اصليا دون ملح ليمون ... اه، ومن هنا كنت اشتري الراحة ( الحلقوم) بطعم الفستق الحلبي وماء الورد وكذلك القزحة والعسل وحلوى النعناع الحار والحلاوة والحامضة حلو... من هنا من هذه الصبانة كنت اشتري له الصابون النابلسي ... ومن هنا بعض الصابون المعطر... قادتني خطواتي الذبيحة إلى حيث كنت اشتري له اللفحات والطاقية الشتوية والجوارب.... وعرفت حينها لماذا احجم ابي عن ذكر هذه الأشياء في آخر مكالمة هاتفية فالشوق إلى نابلس ينتهي عند اقتراب الأجل. .. لماذا جئت إلى هنا يا ربي ... ما هذه الرؤى ؟؟؟ ما هذه الروائح؟؟ أين يهرب المرء من ذاكرته... عجيبة انت يا نابلس ... فيك معجزات الحنين وشجن الفراق وذكريات الاحبة التي اختنق بها... غريب كيف يهرب المرء منكِ إليك... رحمك الله يا أبي انت نابلس ونابلس بالنسبة لي هي انت ... ربي كيف اخرج من قضبان هذه المعادلة؟؟؟ أحب نابلس ولكني اربطها بك فاحزن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق