. ضباب في ملجأ العجزه ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بقلم / زىنب محمد
بصفتي المهنية كصحفيه أسرني فضولي و ألح علي كي أعرف ماذا يدور في. " ( ملجأ العجزه )
نعم هذا هو الاسم الحقيقي الذي يجب يطلق علي هذا المكان بدلا من اسم [ دار المسنين ]
لأنه بالفعل ملجأ يلجأ إليه من لا ملجأ ولا حضن ومن لا يجد من يحن عليه ويحتضنه ومن لم يجد له دارا أو ماوي
ولأول مره لم أصطحب مفكرتي معي لأدون بها ما سوف أسمعه حتي لا أنساه
لأن ما سامعه أو ما يقصه عليا نزلاء هذه الدار لا يمكن أن يمحي من الذاكره ومستحيل أن ينسى مدي الحياه
وذهبت الي ملجأ العجزه وهذه كانت أول مره ادخله
ورأيت بداخله أمهات وأباء يعيشون خريف عمرهم بعيدا عن بيوتهم التي شهدت جدرانها معهم كل ذكرياتهم السعيدة وحتي الحزينه التي مالبثت أن أصبحت مفرحه بالأمل واليقين والإيمان بالله وانتظار الفرج
بيوتهم التي تشبههم
وبدأت اتفقد نزلاء الدار وإذا بقدمي تتسمر أمام رجل الطيبه عنوانه والحزن يرتسم علي ملامحه ومع ذلك كانت هناك ابتسامه أمل علي شفتيه ولكنه ألم ممزوج بالألم
فاستأذنته أن أجلس معه فوافق وبدأت أحاوره وقد رحب بي و حكي لي كل ما يجيش به صدره وقص على باستفاضه كما لو كان قد ثقل عليه حمل كل هذه الأوجاع والألام - - - وبدأت بسؤاله :
عندك اولا يا حاج ؟
فأستوقفني وطلب مني أن أناديه - - بابا - - فاستجبت له وعدت سؤالي مرة اخري
فأجاب نعم عندي أو كان عندي
فسألته أحدث لهم مكروه لا قدر الله ؟ فقال لي سوف اقص عليكي حكايتي مع اولادي
انا عندي بنتان وولد
توفت أمهم وهم في المرحلة الابتدائيه - - وانا كنت لهم الاب والأم ورفضت أن أتزوج أو استجيب لنداء الطبيعه البشرىه حتي لا أعرض أبنائي لأي مشكله أو أشعرهم بفقدانهم لأمهم
وكبرت البنات وكبر الابن ونسوا ما عانيته واسيته وواجهته في تربيتهم وحدي بلا أي سند ولا معين بشري لي الله وحده كان سندي وكان كافيني الحمد لله
كنا نعيش في بيت جميل لكل واحد من أولادي كان له شقه فيه ومع أن أبنائي لم يعترفوا بوجودي معهم في البيت ولم يطرقوا حتي علي باب شقتي ولا يسألوا عني ولا عن ما احتاجه فقد وأخذتهم الحياه مع أولادهم وأشغالهم ونسوا أبوهم وبعدوا عني
لدرجة اني كنت اطلب منهم بنفسي أن يسألوا عني كما أني كنت اتسول منهم الاهتمام بي ولو بأن يقتطعوا القليل من وقتهم ويزوروني ويسألوا عني
ولكن لا حياة لمن أنادي
وفي يوم اجتمعوا أبنائي عندي وقالوا لي احنا قررنا بيع البيت الذي نعيش فيه
وكان قرارهم هذا دون إذن مني قرار مسبق دون أخذ رأىى و بلا رجعه
فكان ردي عليهم يا ولادي انا نفسي اعيش وسطكم مع أحفادي حتي استمتع بهم واشوفهم وهم بيكبروا أمام عيني واسعد بهم
فرد علي ابني قائلا أنت تأجر لك شقه وتعيش فيها
والحل الأمثل لك
يا بابا أن تعيش في مكان تجد فيه من يرعاك فأنت وحدك وتحتاج لمن بؤنس وحدتك
وبصمت مني موجع وله صوت أنين مؤلم انتظرت رد باقي الأبناء وكأنهم اتفقوا علي أن يلحقوني بهذا الملجأ الموحش وكأن الضباب يعشش بداخله و كأنه لم يرى الشمس منذ أن بني
ملجأ بارد يفتقد للحنان والاحتواء والمشاعر ، ولا اعرف ليلي من نهاري فكلاهما عندي سواء
وكان عزائي أن أبنائي وعدوني أنهم حيتابعوني حييجوا يزوروني باستمرار
و انصعت لفكرتهم مجبر مكبل اليدين والارجل بلا رأي منساق
وأعددت شنطة ملابسي الشتويه والصيفيه
واستعديت لمصيري وقدرى المجهول
الذي لااعرف ماذا يخبؤه لي القدر
ودخلت ملجأ العجزه و صار لي سنه كامله لم أري لا ولد ولا بنت من أولادي لا في عيد ولا في اي مناسبه - - فقط أحدثهم بالتليفون وانا الذي اتواصل معهم وأكلمهم عندما أشتاق لسماع صوتهم
والنبي يا بنتي لو شوفتيهم ابقي قوليلهم اني نفسي اشوف احفادي وحشوني قوي
وخايف عليهم من أولادي ليصبحوا مثلهم فاقدين للحب والاحتواء وصلة الرحم ويسيطر الجفاء عليهم في علاقتهم مع الأخرين ويصبحوا منبوذين مكروهين من الناس
كان نفسي ازرع فيهم بذرة المحبه والموده وارويها والتراحم والآثار والاحتواء و
واشبع منهم عطف وحنان
ولكن ليس كل مايتمناه المرأة تعطيه له الحياه
قولي لأبناء يا بنتي أبوكوا بيدعي لكم بالهداية
وبيفكركم أن من يعمل مثقال ذره خيرا يره - - - ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
افعل ماشئت فكما تدين تدان
انتم قدوه لأبناءكم
ماتزرعونه اليوم سوف تحصدوه غدا
من فضلكم أبنائي أطلقوا العنان لأنفسكم وتخيلوا أنفسكم مكان أبوكم - - - فهل ترضون لأنفسكم ما رضيتوا به لأبوكم
" وقضي ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين إحسانا "
~~~~~~~~~~~~~~~~
كاتبتكم المحبه لكم علي الدوام
( زينب محمد عجلان )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق